للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: ما فائدة توقيت الحج بهذه الأشهر؟ قلت: فائدته أن شيئًا من أفعال الحج لا يصلح إلاَّ فيها والإِحرام بالحج لا ينعقد عند الشافعي في غيرها وينعقد عند أبي حنيفة إلاَّ أنه يكره فإن قلت: كيف كان الشهران وبعض الثالث أشهرًا؟ قلت: اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد، بدليل قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (١) فلا سؤال فيه إذن وإنما يكون موضع السؤال لو قيل: ثلاثة أشهر معلومات وقيل: نُزِّل بعض الشهر منزلة كله كما يقال رأيتك سنة كذا أو على عهد فلان ولعل العهد عشرون سنة أو أكثر وإنما رآه في ساعة فيها.

قوله: "فأخلصوا فيهن الحج" أي في أشهر الحج وأراد بإخلاص الحج فيها: ألَّا يخلطه بالعمرة والدليل عليه قوله: "اعتمروا فيما سواهن من الشهور".

ص: وقد روينا عن ابن عمر من رأيه خلافًا لذلك أيضًا.

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: ثنا شعبة قال: ثنا صدقة بن يسار وأبو يعفور سمعا ابن عمر يقول: "لأن أعتمر في العشر الأول من ذي الحجة أحب إليَّ من أن أعتمر في العشر البواقي".

حدثنا يونس قال: ثنا سفيان قال: ثنا صدقة بن يسار سمع ابن عمر يقول: "عمرة في العشر الأول من ذي الحجة أحب إليَّ من أن أعتمر في العشر البواقي. فحدثت به نافعًا فقال: نعم عمرة فيها هدي أو صيام أحب إليه من عمرة ليس فيها هدي ولا صيام".

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد عن عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان قال: "حججنا وفينا رجل أعجمي فلبى بالعمرة والحج فعبنا ذلك عليه فسألنا ابن عمر، فقلنا: إن رجلاً منا لبى بالعمرة والحج فما كفارته؟ قال: يرجع بأجرين وترجعون أنتم بأجر واحد".


(١) سورة التحريم، آية: [٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>