للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (١) فكأن الله -عز وجل- إنما جعل المتعة وأوجب فيها ما أوجب على من فعلها إذا لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وقد أجمعت الأمة أن من كان أهله حاضري المسجد الحرام أو غير حاضري المسجد الحرام ففاته الحج أن حكمه في ذلك وحكم غيره سواء وأن حاله بحضور أهله المسجد الحرام لا يخالف حاله ببعدهم عن المسجد الحرام فثبت بذلك أن المتعة التي ذكرها الله -عز وجل- في هذه الآية هي التي يفترق فيها من كان أهله بحضرة المسجد الحرام ومن كان أهله بغير حضرة المسجد الحرام، وذلك في التمتع بالعمرة إلى الحج التي كرهها مخالفنا.

ش: لما كان قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١) من جملة الحجج التي [احتج] (٢) بها من استحب القران والتمتع على من

كرههما واستحب الإِفراد ومن جملة ما اعتلوا به عليهم في إباحة المتعة قامت طائفة منهم واعترضوا، فقالوا: استدلالكم بالآية المذكورة واحتجاجكم بها علينا فيما تدعون به غير صحيح؛ لأن تأويل الآية غير ما ذهبتم إليه وإنما تأويله ما بينه عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- في خطبته، وهو الذي أخرجه في طريقين:

الأول: عن محمد بن الحجاج ونصر بن مرزوق، كلاهما عن الخصيب -بفتح الخاء المعجمة- بن ناصح الحارثي عن وهيب بن خالد البصري روى له الجماعة عن إسحاق بن سويد بن هبيرة البصري ثقة روى له الشيخان عن عبد الله بن الزبير.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣): ثنا معتمر بن سليمان، عن إسحاق بن سويد، قال: سمعت ابن الزبير، قال: "إنما التمتع بالعمرة إلى الحج: أن يهل الرجل بالحج فيحصره إما مرض أو عدو أو أمر يحبسه".


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٢) في "الأصل، ك": "احتجت".
(٣) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٢١٣ رقم ١٣٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>