قيل لهم: لئن وجب بأن يكون تأويلها كذلك لقول ابن الزبير، فإن تأويلها أحرى ألَّا يكون كذلك كما رويناه عن رسول الله -عليه السلام- وعن أصحابه من بعده مثل عمر وعلي ومن ذكرنا معهم فيما تقدم من هذا الباب.
وقد حدثنا يونس قال: ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم -أو مالك بن الحارث- عن أبي نصر قال:"أهللت بالحج فأدركت عليًّا -رضي الله عنه- فقلت: إني أهللت بالحج أفأستطيع أن أضم إليه عمرة؟ فقال: لا، لو كنت أهللت بالعمرة ثم أردت أن تضيف إليها الحج فعلت".
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن علي بن حسين عن مروان بن الحكم، قال:"كنا مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فسمعنا رجلاً يهتف بالحج والعمرة فقال عثمان: من هذا؟ قالوا: عليّ، فسكت".
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب قال: ثنا همام عن قتادة عن جري بن كليب وعبد الله بن شقيق: "أن عثمان -رضي الله عنه- خطب، فنهى عن المتعة فقام علي -رضي الله عنه- فلبى بهما، فأنكر عثمان ذلك، فقال علي: إن أفضلنا في هذا الأمر أشدنا اتباعًا له".
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا هشيم قال: ثنا أبو بشر عن سليمان اليشكري عن جابر بن عبد الله قال: "لو أهللت بالحج والعمرة طفت لهما طوافًا واحدًا ولكنت مُهْدِيًّا".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا من ذكرنا من أصحاب رسول الله -عليه السلام- قد صرف تأويل قول الله -عز وجل-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}(١) إلى خلاف ما صرفه إليه عبد الله بن الزبير، وهو أصح التأويلين عندنا والله أعلم، لأن في الآية ما يدل على فساد تأويل ابن الزبير؛ لأن الله -عز وجل- قال {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}(١) والصيام في الحج لا يكون بعد فوت الحج ولكنه قبل فوته ثم قال: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ