للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عين القران، ثم شد ذلك وقواه ما وجد من أفعاله -عليه السلام- بعد ذلك الدالة على أنه قد كان قارنًا، وذلك لأنه لم يختلف أحد أنه لما دخل مكة أمر أصحابه بالإِحلال إلَّا من كان سائق الهدي وثبت هو -عليه السلام- على إحرامه ولم يحل إلَّا يوم النحر، فلو كان إحرامه هذا بحجة فقط لكان هديه الذي ساقه تطوعًا والهدي التطوع لا يمنع من الإِحلال فلما لم يمنعه وأوجب استمراره على إحرامه إلى يوم النحر، علمنا أنه لم يكن مفردًا، فانتفى بذلك قول من ادعى أنه كان مفردًا وبقي الكلام بين كونه متمتعًا أو قارنًا فإن كان إحرامه بالحجة بعد طوافه للعمرة كان بذلك متمتعًا وإن كان قبل ذلك كان قارنًا فصار متمتعًا في حال وقارنًا في حال ولكن حديث حفصة -رضي الله عنها- قد دل على أن طوافه للعمرة كان بعد إحرامه بالحجة فتعين بذلك أن يكون قارنًا في حجة الوداع. والله أعلم.

ص: فقال قائل ممن كره القران والتمتع لمن استحبهما: اعتللتم علينا بقول الله -عز وجل-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١) في إباحة المتعة وليس ذلك كذلك، وإنما تأويل هذه الآية: ما رُوي عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-[فذكر ما] (٢) حدثنا محمد بن الحجاج ونصر بن مرزوق قالا: ثنا الخصيب بن ناصح قال: ثنا وهيب بن خالد عن إسحاق بن سويد قال: "سمعت عبد الله بن الزبير وهو يخطب يقول: يا أيها الناس ألا إنه والله ما التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج: أن يخرج الرجل حاجًّا فيحبسه عدو أو مرض أو أمر يعذر به حتى تذهب أيام الحج، فيأتي البيت فيطوف به سبعًا ويسعى بين الصفا والمروة ويتمتع بحله إلى العام المقبل فيحج ويهدر".

حدثنا ابن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد قال: ثنا إسحاق بن سويد ... فذكره نحوه. قالوا: فهذا تأويل هذه الآية.


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٢) في "الأصل، ك": "في تأويلها قد" والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>