للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودُبِرَ دَبِرًا فهو دَبِر ودَابر والأتن دَبِرَةٌ ودَبْراء، وإبل دَبْراء وقد أَدْبَرَهَا الحمل، يريدون: أن الإِبل كانت تدبر بالسير عليها إلى الحج، قلت: بابه من باب عَلِمَ يَعْلَمُ، قال عياض هو أن تقرح خف البعير.

قوله: "وعفى الأثر" أي درس أثر الحاج في الطريق وانمحى بعد رجوعهم بوقوع الأمطار وغيرها بطول مرور الأيام، قال الخطابي: وعفى الأثر أي أثر الدبر المذكور، وفي رواية لأبي داود (١): "وعفى الوبر" يعني أثر وبر الإِبل الذي حلقه رحال الحاج، وعفى من الأضداد ويكون معناه بمعنى كثر قال: تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} (٢): أي كثروا، وقال الخطابي في عفى الدبر: أي طَرَّ وكثر.

قوله: "صبيحة رابعة" أي ليلة رابعة.

قوله: "وهم ملبون بالحج" جملة حالية، وفيه دليل على أنهم كانوا مفردين بالحج، ومن فوائد هذا الحديث: استحباب الدخول في مكة نهارًا وكان ابن عمر يستحب دخولها نهارًا لذلك، وإليه ذهب عطاء والنخعي وابن راهويه وابن مندة والشافعي في أصح الوجهين.

وفي الوجه الآخر: دخولها ليلاً ونهارًا سواء، لا أفضلية لأحدهما على الآخر، وهو قول طاوس والثوري.

وعن عائشة -رضي الله عنها-: دخولها ليلاً أفضل من النهار، وإليه ذهب سعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز.

ص: فإن قال قائل: فقد ثبت بهذا عن ابن عباس: أن إحرام رسول الله -عليه السلام- إنما كان بحجة مفردة، فقد خالف هذا ما رويتم عنه من تمتع رسول الله -عليه السلام- وقرانه.

قيل له: ما في هذا خلاف لذلك؛ لأنه قد يجوز أن يكون إحرامه أولاً كان بحجة حتى قدم مكة ففسخ ذلك بعمرة، ثم فلم تتضاد على أنها عمرة وقد عزم أن يحرم


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٢٠٤ رقم ١٩٨٧).
(٢) سورة الأعراف، آية: [٩٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>