للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي: لا تطهر النجاسات إلَّا بالماء، سواء كانت في ثوب أو حذاء. وبه قال مالك وأحمد وزفر، والحديث حجة عليهم، ثم بإطلاق الحديث أَخذَ أبو يُوسف، حتى يطهر الخف أو النعل عنده بالمسح، سواء كان النجس رطبا أو يابسا.

وقال أبو حنيفة: المراد بالأذى: النجاسة العينية اليابسة؛ لأن الرطبة تزداد بالمسح بالأرض انتشارا وتلوثا.

فإن قيل: الحديث مطلق؛ فلِمَ قيده أبو حنيفة هذا القيد؟

قلت: التي لا جرم لها خرجت بالتعليل، وهو قوله: "فطهورهما التراب" في رواية أبي جعفر، وفي رواية أبي داود: "قال: الشراب طهور" أي يزيل نجاسته، ونحن نعلم يقينا أن النعل والخف إذا تشرب البول أو الخمر لا يزيله المسح، ولا يخرجه من أجزاء الجلد، فقال: إطلاق الحديث مصروف إلى الأذى الذي يقبل الإزالة بالمسح، حتى إن البول أو الخمر لو استجسد بالرمل أو الشراب فجف؛ فإنه يطهر أيضًا بالمسح -على ما قال شمس الأئمة؛ وهو الصحيح- فلا فرق أن يكون جرم النجاسة منها أو من غيرها، هكذا ذكره الفقيه أبو جعفر، والشيخ الإِمام أبو بكر محمد بن الفضل عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف مثل ذلك؛ إلَّا أنه لم يشترط الخفاف.

وذكر في "الجامع الصغير" في النجاسة التي لها جرم إذا أصابت الخف والنعل وحَكّه أو حته بعد ما تبيّن؛ أنه يطهر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وذكر في الأصل: إذا مسحهما بالتراب تَطْهر.

قال مشايخنا: لولا المذكور في "الجامع الصغير" لكنا نقول لا يطهران ما لم يمسحهما بالتراب؛ لأن المسح بالتراب له أثر في باب الطهارة، فالمذكور في "الجامع الصغير" أن الحك له أثر. وقال القدوري في شرحه: ومعنى قول أبي حنيفة في هذه المسألة: إن الخف والنعل يطهران في حق جواز الصلاة معه،

<<  <  ج: ص:  >  >>