للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما لو أصابه الماء بعد ذلك يعود نجسا -على إحدى الروايتين- وأصل المسألة الأرض إذا ذهب أثر النجاسة عنها ثم أصابها الماء فإنه يعود حكم النجاسة على إحدى الروايتين. والله أعلم.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فالذي وقَفْنا عليه من هذه الآثار المروية في المنّي: هو أن الثوب يطهر مما أصابه من ذلك بالفرك إذا كان يابسا، ويُجزِئ ذلك من الغسل، وليس في شيء من هذا دليل على حكمه هو في نفسه؛ طاهر هو أم نجس؟ فذهب ذاهب إلى أنه قد روي عن عائشة - رضي الله عنها - ما يدل على أنه كان عندها نجسا، فذكر في ذلك.

ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها - أنها قالت في المني إذا أصاب الثوب: "إذا رأيته فاغسله، وإن لم تره فانضحه".

ش: لما ذكر أن أحاديث الفرك لم تَدلّ قطعا على طهارة المني؛ لاحتمال أَنْ يَطهر الثوب بالفرك والمني في نفسه نجس، كما في مسألة النعل؛ فإنه يَطْهُر بالمسح والذي أصابه في نفسه نجس، وأن ذلك كان احتمالا، وبالاحتمال لا تقوم الحجة؛ أشار هنا إلى أن الذي يُوقفُ عليه من الآثار المذكورة: هو أن الثوب يَطهُر مما أصابه من المني بالفرك إذا كان يابسا، وليس فيه دليل يَدُل على حكم المَني في نفسه، هل هو طاهر أم نجس؟ يعني الدليل الصريح، وذكر أن طائفة من الأصحاب قالوا: إنه نجس في نفسه، واحتجوا على ذلك بحديث عائشة هذا؛ لأن قولها: "اغسله" يدل على أنه كان عندها نجسا؛ إذ لو لم يكن نجسا لما أمرَت بغسله عند الرؤية، وبالنضح عند عدمها، فرد الطحاوي هذا بقوله: قيل له ما في ذلك دليل على ما ذكرت على ما يأتي، ثم تبين أن نجاسته بطريق النظر والقياس على ما نحرره، إن شاء الله تعالى.

وإسناد هذا الحديث صحيح، ورجاله رجال الصحيح ما خلا إبراهيم بن أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>