وأبا عُبيد القاسم بن سلام ومالكًا -في رواية- والشافعي وأحمد -في رواية- فإنهم قالوا: الكلب العقور هو الأسد، وكل سبع عقور فهو داخل في الحكم المذكور، وقال أبو عمر عن مالك: الكلب العقور هو كل ما عقر الناس وعدا عليهم مثل الأسد والنمر والفهد، وأما ما كان من السباع لا يعدو مثل الضبع والثعلب وشبههما فلا يقتله المحرم، وإن قتله فداه.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: الكلب العقور هو الكلب المعروف، وليس الأسد منه في شيء، وقالوا: ليس في حديث أبي هريرة عن النبي -عليه السلام- أن الكلب العقور هو الأسد، وإنما ذلك من قول أبي هريرة-رضي الله عنه-.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الأوزاعي والحسن ابن يحيى وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وأحمد -في رواية- فإنهم قالوا: الكلب العقور هو الكلب المعروف، وإنما أبيح قتله لأن من شأنه العدو على الناس وعقرهم ابتداء من حيث الغالب ولا يكاد يهرب من بني آدم حتى إن الأسد أو الذئب أو الفهد أو النمر إذا عدا على المحرم فله أن يقتله وليس عليه شيء.
قوله:"وقالوا" أي هؤلاء الآخرون "ليس في حديث أبي هريرة عن النبي -عليه السلام- أن الكلب العقور هو الأسد وإنما هو من كلام أبي هريرة" إنما قال ذلك لأن الأسد يعقر الناس ويعدو عليهم ويخيفهم كما أن الكلب العقور كذلك، وقد قلنا إن كل حيوان مفترس إذا عدا على المحرم وأخافه يصير حكمه حينئذ حكم الكلب العقور، فلا وجه إذن في تخصيص الأسد بالحكم المذكور.
ص: وقد وجدنا عن رسول الله -عليه السلام- نصًّا ما يدفع ذلك، وهو ما حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن عُبيد بن عمير، أن عبد الرحمن بن أبي عمار أخبره، قال:"سألت جابر بن عبد الله عن الضبع، فقلت: آكلها؟ قال: نعم، قال: أصيد هي، قال: نعم، قلت: سمعت ذلك عن النبي -عليه السلام- فقال نعم".