يدل على أن غير الخمس حكمه غير حكمهن وإلَّا لم يكن لذكر الخمس معنى، فالذين أباحوا قتل الذئب أباحوا قتل جميع السباع، والذين منعوا قتل الذئب حظروا قتل سائر السباع غير الكلب العقور خاصة، وثبت خروج الضبع من القتل، ولم يكن كلبًا عقورًا وثبت أن الكلب العقور هو الكلب الذي تعرفه العامة.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إن العلة في قتل الكلب العقور هو عدوه على بني آدم وابتداؤه بالأذى، فهذا المعنى موجود في الذئب بل الذئب أحرئ من الكلب في ذلك، فكان ينبغي أن يباح قتل الذئب للمحرم كالكلب العقور، حتى أن زفر حمل الكلب العقور على الذئب.
وتقدير الجواب أن النبي -عليه السلام- نص على قتل خمس من الدواب في الحرم والإِحرام، وبين الخمس ماهن، فدل هذا أن حكم غير هذه الخمس غير حكم الخمس، وإلَّا لم يكن لتنصيصه على الخمس فائدة، فالذئب خارج من الخمس، فلا يباح قتله إلَّا إذا بدأنا بالأذى، وقال عياض: ظاهر قول الجمهور أن المراد أعيان ما سمي في هذا الحديث، وهو ظاهر قول مالك وأبي حنيفة، ولهذا قال مالك: لا يقتل المحرم الوزغ، وإن قتله فداه، ولا يقتل خنزيرًا ولا قردًا مما لا يطلق عليه اسم كلب في اللغة، إذ جعل الكلب صفة فيه لا اسمًا، وهو قول كافة العلماء، وإنما قال رسول الله -عليه السلام- خمس، فليس لأحد أن يجعلهن ستًّا ولا سبعًا، وقال أيضًا: مالك والشافعي يريان أن التحريم متعلق بمعاني هذه الخمس دون أسمائها، وأنها إنما ذكرت لينبه بها على ما يشاركها في العلة ولكنهما اختلفا في العلة ما هي؟ فقال الشافعي: العلة أن لحومها لا تؤكل، وكذلك كل ما لا يؤكل لحمه في الصيد مثلها، ورأى مالك أن العلة كونها مضرة لينبه به على ما يضر الأبدان، على جهة المواجهة والمغالبة، وذكر العقرب لينبه به على ما يضر بالأجسام على جهة الاختلاس، وكذلك ذكر الحدأة والغراب، للتنبيه على ما يضر بالأموال مجاهرة، وذكر الفأرة للتنبيه على ما يضر بالأموال اختفاء.