ونحوها، والنبي -عليه السلام- إنما ذكر في الخمس الفواسق المذكورة العقرب خاصة وأشركتم في الحكم المذكور الحية وسائر الهوام قياسًا على العقرب، فلِمَ لا تشركون سائر السباع للكلب العقور المذكور بعينه بينهن فتكون إباحة قتل الكلب العقور إباحة لقتل غيره من السِّباع.
وتقرير الجواب أن يقال: لا نسلم أن يكون ما ذكرتم من القياس صحيحًا؛ وذلك لأن النبي -عليه السلام- قد نص على الضبع -وهو من السِّباع- أنه صيد، وأنه غير مباح قتله من الخمس، فدل هذا كله أنه -عليه السلام- لم يرد بإباحته قتل الكلب العقور إباحة قتل سائر السِّباع، وإنما أراد بذلك خاصًا من السِّباع، ألا ترى أنه -عليه السلام- أباح قتل الغراب والحداءة والحال أنهما من ذوي المخلب من الطير، وقد أجمع العلماء كلهم على أنه لم يرد بذلك كل ذي مخلب من الطير، لأنكم أنتم ونحن مجمعون على الحداءة أن نحو العقاب والصقر والبازي لا يقتل في الحرم كما يقتل الغراب والحداءة، فثبت بهذا أن الإِباحة من النبي -عليه السلام- لقتل الغراب والحداءة بأعيانهما خاصة لا على ما سواهما من سائر ذوي مخلب من الطير.
قوله:"وأجمعوا أن جميع الهوام مثلها" أي مثل العقرب، والتحقيق فيه أن المراد من الكلب العقور عنى ما سمي به فلا يلحق به غيره من السِّباع، والمراد من العقرب معناها وهو قصدها الأذى والإِهلاك بطريق الاختلاس يلحق بها غيرها من سائر الهوام المؤذية كالحية والرتيلاء وأم الأربعة والأربعين والسام الأبرص والوزغة والنمل المؤذية ونحو ذلك، ولا يقال: إن هذا تحكم؛ لأنا نقول: لولا حديث جابر في الضبع لكان المراد من الكل معانيها لا أعيانها فافهم.
قوله:"فذو الناب من السِّباع بذي المخلب من الطير أشبه منه بالهوام" جواب عن سؤال مقدر، تقريره أن يقال: يلحق سائر السِّباع في القتل بالعقرب وسائر الهوام ليصير حكمها حكم العقرب والهوام.