للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما فعل ذلك في عمرته لأجل ما قال المشركون لا لأنه سُنة، واحتجوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمر: "أنه -عليه السلام- رمل في العمرة ومشى في الحج".

وأخرجه عن فهد بن سليمان، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس (١)، عن العلاء بن المسيب بن رافع الكوفي، وثقه يحيى وغيره، وروى له البخاري ومسلم والترمذي، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد عن عبد الله بن عمر.

وأخرجه أبو عمر بن عبد البر في (٢) "التمهيد" نحوه.

ويعارض هذا ما روي في "الصحيح" (٣) من حديث نافع عن ابن عمر: "أن رسول الله -عليه السلام- كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ثم يمشي أربعًا" على ما يجيء بيانه إن شاء الله.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: الرَمَل في الأشواط الثلاثة الأولى سُنة لا ينبغي تركها في الحج ولا في العمرة.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والنخعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق وجمهور فقهاء الأمصار؛ فإنهم قالوا: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى سُنة، لا يترك في الحج ولا في العمرة، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس في رواية.

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس: "أن رسول الله -عليه السلام- اعتمر من الجعرانة، فرمل بالبيت ثلاثًا ومشى أربعة أشواط".


(١) بَيَّض له المؤلف ولم يعينه وترك له فراغًا وسط الكلام، وقيس هذا هو ابن الربيع الأسدي أبو محمد الكوفي، وثقه الثوري وشعبة وعفان وغيرهم، وضعفه أحمد ووكيع ويحيى وغيرهم، وقال ابن عدي: عامة رواياته مستقيمة، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه. انظر "ميزان الاعتدال" (٥/ ٤٧٧).
(٢) "التمهيد" (٢/ ٧٥ رقم ٩٤٧).
(٣) "صحيح مسلم" (٢/ ٩٢٠ رقم ١٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>