ثبت أيضًا أنه في نفسه نجسٌ، فهذا هو النظر فيه، غير أنَّا اتَّبَعْنَا في إباحة حكه إذا كان يابسا ما روي في ذلك عن النبي - عليه السلام - وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله.
ش: ملخصه: لَمَّا لم يدل دليل قطعا من الأحاديث المذكورة والآثار المروِّية على نجاسة المني ولا على طهارته؛ لكثرة الاختلاف فيها؛ رجعنا إلى بيان حكمه بالنظر والقياس، فنقى: المني حدث؛ لأنه خارج من سبيل، وكل خارج من سبيل نجس؛ فالمني نجس.
قوله:"غير أنا اتبعنا ... " إلى آخره. جواب عن سؤال مقدر، تقريره أن يقال: إذا ثبت كون المني نجسا كان الواجب غسله مطلقا، رطبا كان أو يابسا كسائر النجاسات.
فأجاب عنه: بأن القياس كان يقتضي ما ذكرتم، ولكنا تركناه بالأحاديث الواردة بالفرك في يابسه.
قوله:"وهذا قول أبي حنيفة" أي: كون المني نجسا، قول أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول مالك أيضًا كما ذكرنا، وفي "الجواهر" للمالكية: المني نجس، وأصله دم، وهو يمر في ممر البول، فاختلف في سبب التنجيس هل هو رَدُّه إلى أصله، أو مروره في مجرى البول؟ وعلى تحقيقه يخرج حكم طهارة مني ما يؤكل من الحيوان. والله أعلم.