في الحج أو العمرة أول ما يقدم: سعى ثلاثة أطواف ومشى أربعة، ثم يسجد سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة".
فهذا الحديث يعارض ما رواه مجاهد عن ابن عمر: "أن النبي -عليه السلام- رَمَل في العمرة، هو ضعيف يترك بما روي في الصحيح بخلافه.
ص: وقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه السلام-: "أنه رَمَل في حجة الوداع".
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال:"طاف رسول الله -عليه السلام- في حجة الوداع سبعًا، رَمَل منها ثلاثاً، ومشى أربعًا".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا جعفر ابن محمد ... فذكر بإسناد مثله.
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر:"أن رسول الله -عليه السلام- طاف سبعة، رَمَل في ثلاثة منهن من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود".
فلما ثبت عن رسول الله -عليه السلام- أنه رَمَل في حجة الوداع ولا عدو؛ ثبت أنه لم يفعله إذ كان العدو من أجل العدو، ولو كان فعله إذ كانوا من أجلهم، لما فعله في وقت عدمهم، فثبت بذلك أن الرَمَل من سنن الحج المفعولة فيه الذي لا ينبغي تركها.
ش: أخرج عن جابر بن عبد الله من ثلاثة طرق صحاح أنه رَمَل في حجة الوداع، والحال أنه لا عدو حينئذٍ حتى يكون الرمل لأجلهم، فثبت بذلك أنه لم يفعله حين فعله مع وجود العدو لأجل العدو؛ لأنه لو كان فِعْله هذا لأجلهم لما فعله عند عدمهم، فلما فعله عند عدمهم دلَّ على أنه سنة مبتدأة، وسنن الحج لا ينبغي تركها. هذا ما قاله الطحاوي وهو قوله:"فلما ثبت عن رسول الله -عليه السلام- ... " إلى آخره.