للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي ففي هذا الأثر عن عبد اللَّه بن عمر أنه كان يرمل في حجته إذا كان إحرامه بها -أي بالحجة- من غير مكة، فهذا خلاف ما روى عنه مجاهد، عن النبي -عليه السلام-: "أنه رمل في العمرة ومشى في الحج" وقد تقدم ذكره، فإذا كان الأمر كذلك فلا يخلو ما رواه عنه من أحد وجهين:

إما أن يكون منسوخًا، فحينئذٍ العمل بالناسخ أولى وأجدر.

وإما أن يكون غير صحيح، فحينئذٍ العمل بالصحيح أولى، والظاهر أنه غير صحيح.

وقال أبو عمر (١): وأما رواية مجاهد عن ابن عمر فحديث لا يثبت؛ لأنه رواه الحفاظ موقوفًا عن ابن عمر، ولو كان مرفوعًا عارضه ما هو أثبت منه، ثم روى عن الطحاوي من حديث ابن عمر: "أن رسول اللَّه -عليه السلام- رَمَل ثلاثًا ومشى أربعةً حين قدم في الحج والعمرة".

قوله: "وإنه" أي الرمل لا ينبغي لأحد من الرجال تركه، لأنه سُنة من سنن الحج الماضية، حتى قال الحسن البصري: إذا ترك الرمل يهريق دمًا، وعن النخعي أنه يفدي، وقال أبو عمر (٢): اختلف قول مالك وأصحابه فيمن ترك الرمل في الطواف، والهرولة في السعي، فقال مالك مرةً: يعيد، ومرةً قال: لا يعيد. وبه قال ابن القاسم.

واختلف قول مالك: هل عليه دم إذا لم يعد أم لا شيء عليه؟ فمرة قال: لا شيء عليه، رواه عنه ابن وهب في موطأه، وهو قول ابن القاسم، ومرة قال: عليه دم، ورواه معن بن عيسى عن مالك، وهو قول عبد الملك بن الماجشون والحسن البصري وسفيان الثوري، وذكر ابن حبيب ومطرف عن ابن القاسم: أن عليه في قليل ذلك وكثيره دمًا، وقد جاء عن ابن عباس نصًّا فيمن ترك الرَمَل أنه لا شيء


(١) "التمهيد" (٢/ ٧٥).
(٢) "التمهيد" (٢/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>