للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عبد الله: "أنه رَمَل ثلاثًا ومشى أربعًا".

وأما أثر عبد الله بن عمر، فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح، عن محمد بن خزيمة، عن حجاج بن منهال الأنماطي شيخ البخاري، عن حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني، عن نافع.

وأخرجه ابن عبد البر (٢) نحوه، قال: وأخرج مالك، عن نافع، عن ابن عمر نحوه، [ففي] (٣) هذا الحديث أنه كان يرمل في الحجة إذا كان إحرامه بها من غير مكة، وكان لا يرمل إذا أحرم بها من مكة، وهذا إجماع من العلماء: أن من أحرم بالحج من مكة من غير أهله والمتمتعين بها أنه لا رمل عليه إن طاف بالبيت قبل خروجه إلى منى؛ لأنهم قد طافوا حين وصولهم حين طافوا للقدوم.

قوله: "وإذا لبّى بها" أي بالحجة.

ص: ففي هذا عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يرمل في الحجة إذا كان إحرامه بها من غير مكة، فهلا خلاف ما رواه عنه مجاهد عن النبي -عليه السلام-، فلا يخلو ما رواه عن مجاهد من أحد وجهين:

إما أن يكون منسوخًا، فما نسخه فهو أولى منه.

أو يكون غير صحيح عنه، فهو أحرى أن لا يعمل به، وأن يجب العمل بخلافه، ولما ثبت [ما ذكرنا] (٤) من الرمل عن رسول الله -عليه السلام- بعد عدم المشركين، وعن أصحابه من بعده في الأشواط الأُوَل [الثلاثة] (٤)؛ ثبت أن ذلك من سُنة الطواف عند القدوم، وأنه لا ينبغي لأحد من الرجال تركه إذا كان قادرًا عليه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٣٥٧ رقم ١٤٩٨٧).
(٢) "التمهيد" (٢/ ٧٦ رقم ٩٥١).
(٣) في "الأصل، ك": "في"، والمثبت من "التمهيد".
(٤) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار" (٢/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>