للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وكان النظر في ذلك لما اختلفوا هذا الاختلاف: أنا رأينا طلوع الشمس وغروبها ونصف النهار، يمنع من قضاء الصلوات الفائنات، وبذلك جاءت السُنة عن رسول اللَّه -عليه السلام- في تركه قضاء الصبح التي نام عنها إلى ارتفاع الشمس وبياضها، فإذا كان ما ذكرنا ينهى عن قضاء الفرائض الفائنات فهو عن الصلاة للطواف أنهى، وقد قال عقية بن عامر -رضي اللَّه عنه-: "ثلاث ساعات كان رسول اللَّه -عليه السلام- ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تَضَيَّفُ للغروب حتى تغرب".

وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا.

فإذا كانت هذه الأوقات تنهى عن الصلاة على الجنائز، فالصلاة للطواف أيضًا كذلك، وكانت الصلاة بعد العصر قبل تغيُّر الشمس، وبعد الصبح قبل طلوع الشمس مباحة على الجنائز، ومباحة في قضاء الصلاة الفائتة، ومكروهة في التطوع، وكان الطواف يوجب الصلاة حتى يكون وجوبها كوجوب الصلاة على الجنائز، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون حكمها بعد وجوبها كحكم الفرائض التي قد وجبت، وكحكم الصلاة على الجنازة التي قد وجبت، فتكون الصلاة للطواف تصلى في كل وقت تصلى فيه على الجنازة، وتقضى فيه الصلاة الفائتة، ولا تصلى في كل وقت لا يصلى فيه على الجنازة، ولا تقضى فيه صلاة فائتة، فهذا هو النظر عندنا في هذا الباب، على ما قال عطاء وإبراهيم ومجاهد، وعلى ما قد روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وإليه نذهب، وهو خلاف قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم اللَّه-.

ش: أي وكان النظر والقياس في الحكم المذكور لما اختلفوا هذا الاختلاف المذكور أنَّا رأينا ... إلى آخره.

قوله: "وبذلك جاءت السُّنة" أي وبمنع الصلوات في الأوقات الثلاثة جاءت السنة عن النبي -عليه السلام- في موضعين:

الأول: في حديث ليلة التعريس وهو مشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>