للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسخ الحج في العمرة بقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١) فذهب إلى أنه يحل بالطواف، فعله قبل عرفة أو بعده، وكان يذهب إلى أن هذا الحكم باق لم ينسخ، وأن فسخ الحج قبل تمامه جائز بأن يطوف قبل الوقوف بعرفة، فتصير حجته عمرة، وقد ثبت بظاهر قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} (٢) نسخه، وهذا معنى ما أراده عمر -رضي الله عنه- بقوله: "متعتان كانتا على عهد رسول الله -عليه السلام- وأنا أنهى عنهما وأضرب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج" (٣) ويذهب فيه إلى ظاهر الآية، وإلى ما علمه من توقيف رسول الله -عليه السلام- إياهم على أن فسخ الحج كان لهم خاصة.

ص: وأما ما احتجوا به من الآثار التي ذكرناها عن رسول الله -عليه السلام- في أمره أصحابه بالحل من حجهم بطوافهم الذي طافوه قبل عرفة؛ فإن ذلك عندنا كان خاصًّا لهم في حجتهم تلك دون سائر الناس بعدهم.

ش: هذا عطف على قوله: "أما ما ذكرتموه من قول الله تعالى"، وهذا جواب عن الأحاديث المذكورة المروية عن الصحابة الذين سميناهم، وتقريره: إن يقال: إن فسخ الحج في العمرة الذي يفهم من هذه الأحاديث إنما كان خاصًّا في حق الصحابة الذين حجوا مع رسول الله -عليه السلام-، أمرهم النبي -عليه السلام- في حجتهم تلك، وليس ذلك بجائز في حق غيرهم.

وقال أبو عمر: فسخ الحج في العمرة لا يجوز عند أكثر العلماء من الصحابة وغيرهم؛ لقوله تعالى،: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} (٢) يعني لمن دخل فيه، وما أعلم من الصحابة من يجيز ذلك إلَّا ابن عباس، وتابعه أحمد وداود دون سائر الفقهاء، وكلهم على أن فسخ الحج في العمرة خُصَّ به أصحاب النبي -عليه السلام-.


(١) سورة الحج، آية: [٣٣].
(٢) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>