للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسخ الحج في العمرة، ولا يجوز لأحد دخل في حجة أن يخرج منها إلَّا بأن يتمها، وتمامها بطواف الزيارة يوم النحر، ولا يحل منها لا بطواف ولا بغيره قبل يوم النحر لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} (١)، يعني لمن دخل فيه، وفسخه في عمرة يكون غير الإِتمام المأمور به.

ص: وقالوا: أما ما ذكرتموه من قول الله -عز وجل- {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٢) فهذا في البُدْن ليس في الحاج، ومعنى البيت العتيق ها هنا الحرم كله كما قال في الآية الأخرى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١) فالحرم هو محل الهدي لأنه ينحر فيه، فأما بنو آدم فإنما محلهم في حجهم يوم النحر.

ش: أي قال هؤلاء الآخرون في الجواب عما استدل به القوم المذكورون، وكانوا قد استدلوا بقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٢) وهو المذكور في حديث ابن عباس المذكور في أول الباب، وتقرير الجواب عن هذا: أن هذا في البدن ليس في الحاج، وأن المراد بالبيت العتيق ها هنا هو الحرم كله، فُسِّرت ذلك الآيةُ الأخرى، وهو قوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١) فالحرم هو محل الهدي لأنه ينحر فيه، فأما بنو آدم فإنما محلهم في حجهم يوم النحر.

وقال أبو بكر الجصاص: والمراد بالبيت ها هنا الحرم كله، فعبر عنه بذكر البيت إذْ كانت حرمة الحرم كله متعلقة بالبيت، وهو كقوله تعالى، في جزاء الصيد: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (٣) ولا خلاف أن المراد الحرم كله، وقد روى أسامة بن زيد (٤)، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "عرفة كلها موقف، ومنى كلها منحر" وكل فجاج مكة طريق ومنحر. وقال أيضًا: كان ابن عباس يحتج في


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٢) سورة الحج، آية: [٣٣].
(٣) سورة المائدة، آية: [٩٥].
(٤) أخرجه أبو داود في "سننه" (٢/ ١٩٣ رقم ١٩٣٧)، وابن ماجه في "سننه" (٢/ ١٠١٣ رقم ٣٠٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>