للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي وكان من الدليل للآخرين في الجواب عما احتجت به أهل المقالة الأولى من الحديث المذكور: أنه خطأ، أخطأ فيه عبد العزيز الدراوردي حيث رفعه، وإنما أصله موقوف على عبد الله بن عمر، هكذا رواه الحفاظ موقوفًا، ولما ذكره الترمذي قال: وقد رواه غير واحد عن عبيد الله ولم يرفعوه وهو أصح.

وقال أبو عمر في "الاستذكار": لم يرفعه أحد عن عبيد الله غير الدراوردي، وكل من رواه عنه، غيره أوقفه على ابن عمر، وكذا رواه مالك، عن نافع موقوفًا، وإنما قال الطحاوي: أخطأ فيه الدراوردي؛ لأن أبا زرعة قال: الدراوردي سيء الحفظ.

ذكره عنه الذهبي في "الكاشف". وقال النسائي: ليس بالقوي، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث يغلط.

قوله: "فهم مع هذا فلا يحتجون بالدراوردي". أي وأهل المقالة الأولى مع كون هذا الحديث مرفوعاً، لا يحتجون بعبد العزيز الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر أصلاً؛ لأنهم يقولون: حديثه عن عبيد الله منكر كما قال النسائي، فكيف يحتجون به في هذا الموضع، ومع هذا فالحديث موقوف.

قوله: "فأما ما رواه الحفاظ من ذلك ... إلى آخره". أشار به إلى أن الصحيح في هذا الحديث أنه موقوف على ابن عمر، وأنه ليس كما رواه الدراوردي بصورة الإِطلاق أن من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد، بل الصحيح منه أنه بالتفصيل، وهو الذي رواه الحفاظ عن عبيد الله، منهم: هشيم بن بشير، رواه عنه، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول: "إذا قرن -يعني إذا جمع- بين العمرة والحج من ابتداء الأمر بنية واحدة طاف لهما طوافًا واحدًا، فإذا فرق بأن نوى أولاً للعمرة ثم بعد ذلك نوى للحج، طاف لكل واحد منهما طوافًا، وسعى لكل منهما سعيًا"، أخرج ذلك بإسناد صحيح عن صالح بن عبد الرحمن، عن سعيد بن منصور، عن شعبة الخراساني شيخ مسلم وأبي داود، عن هشيم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>