وأخرجه مالك في "موطأه"(١) عن نافع: "أن ابن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى، وكان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة" انتهى.
فإذا ثبت هذا فقد دلّ على أن ابن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف لها إلى يوم النحر، فكذلك ما روي عن النبي -عليه السلام- من إحرامه بالحجة التي أحرم بها بعد فسخه حجته الأولى لم يكن طاف لها إلى يوم النحر، فإذا كان كذلك فكيف يجوز أن نقبل ما ذكروه عن ابن عمر في الاحتجاج فيما ذهبوا إليه؟! وليس في حديثه عن النبي -عليه السلام- ما يبين حكم طواف القارن لعمرته وحجته، فدل ذلك أيضًا على خطأ الدراوردي في رفعه الحديث عن عبيد الله بن عمر. والله أعلم.
ص: واحتج أهل المقالة الأولى بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك (ح).
وحدثنا يونس، قال: أخبرني ابن وهب أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"خرجنا مع رسول الله -عليه السلام- في حجة الوداع، فأهللنا بالعمرة، ثم قال رسول الله -عليه السلام-: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا، فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله -عليه السلام-، فقال: انقضى رأسك وامتشطي، وأهلِّي بالحج، ودعى العمرة، فلما قضيت الحج، أرسلني رسول الله -عليه السلام- مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك، قالت: فطاف الذين أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجتهم، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحداً".