للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "لجَّت" بالجيم من لَجِجَ -بالكسر- يَلَجّ لجاجًا ولجاجة، فهو لجوج ولجوجه، بالهاء للمبالغة، ولَجَّ بالفتح لغة، وفي رواية "ألحت" بالحاء المهملة من الإِلحاح، وفي رواية: "ألظت" من أَلظَّ بالشيء يلظ إلظاظًا إذا لازمه وثابر عليه.

وجواب آخر: أن معنى قوله -عليه السلام-: "فإن طوافك يكفيك لحجك وعمرتك" أي لعمرتك المرفوضة؛ لأنها لا طواف لها، ويحتمل أن يريد: ثواب هذا الطواف كثواب طواف الحج والعمرة؛ لأنها قصرت النسكين، وإنما تركت الواحد بغير اختيارها، عل أن المشهور الثابت: أن عائشة -رضي الله عنها- كانت مفردة بالحج، وأنه -عليه السلام- أمرها برفض العمرة، وقولها: "وأرجع بحجة واحدة" دليل واضح على ذلك، وقولها: "ترجع صواحبي بحج وعمرة وأرجع أنا بالحج" صريح في رفض العمرة؛ إذ لو أدخلت الحج على العمرة لكانت هي وغيرها سواء، ولَمَا احتاجت إلى عمرة أخرى بعد العمرة والحج اللذين فعلتهما.

وقوله -عليه السلام- عن عمرتها الأخيرة: "هذه مكان عمرتك" صريح في أنها خرجت من عمرتها الأولى ورفضتها، إذ لا تكون الثانية مكان الأولى إلاَّ والأولى مفقودة، وفي بعض الروايات: "هذه قضاء من عمرتك".

فإن قيل: قال البيهقي: معنى قوله: "ودعي العمرة" أمسكي عن أفعالها وأدخلي عليها الحج.

قلت: هذا خلاف حقيقة قوله: "دعي العمرة"، بل حقيقته أنه أمرها برفض العمرة بالحج، وقوله: "انقضي رأسك وامتشطي" يدل عل ذلك ويدفع تأويل البيهقي بالإِمساك عن أفعال العمرة؛ إذ المحرم ليس له أن يفعل ذلك.

فإن قيل: قال الشافعي: لا نعرف في الشرع رفض العمرة بالحيض.

قلت: قال القدوري في "التجريد": ما رفضتها بالحيض لكن تعذرت أفعالها، وكانت ترفضها بالوقوف، فأمرها بتعجيل الرفض.

<<  <  ج: ص:  >  >>