رسول الله -عليه السلام-: "طوافك يكفيك لحجك وعمرتك" يعني: طوافك المفعول للحج يجزيء عن الحج والعمرة، وأهل المقالة الأولى لا يقولون هذا، بل إنما يقولون: طواف القارن طواف لأجل قرانه، لا للحج دون العمرة، ولا للعمرة دون الحج.
الوجه الثاني: أن الحديث المذكور روي على معنى غير المعنى الذي رواه عبد الله ابن أبي نجيح، أشار إليه بقوله:"مع أن غير ابن أبي نجيح من أصحاب عطاء قد روى هذا الحديث ... " إلى آخره، فإنه أخبر أن اعتمار عائشة كان في وقت ما كان لها أن تنفر بعد فراغها من الحجة، وأن الذي ذُكِرَ أنه يكفيها: هو الحج من الحجة والعمرة، وليس المراد الطواف، فإذا كان كذلك فقد بطل أن يكون في حديث عطاء المذكور حجة في حكم طواف القارن كيف هو.
ثم إنه أخرج الحديث المذكور عن صالح بن عبد الرحمن، عن سعيد بن منصور الخراساني شيخ مسلم وأبي داود، عن هشيم بن بشير روى له الجماعة، عن حجاج ابن أرطأة فيه لين ولكن احتج به الأربعة، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة.
وروى حجاج أيضًا، عن عبد الملك بن سليمان العرزمي، عن عطاء، وهو معنى قوله:"وأخبرني عبد الملك عن عطاء"، وعبد الملك روى له الجماعة، البخاري مستشهدًا.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(١): ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"قلت: يا رسول الله، أترجع نساؤك بحجة وعمرة وأرجع أنا بحجة ليس معها عمرة؟ فأقام لها رسول الله بالبطحاء وأمرها فخرجت إلى التنعيم، وخرج معها عبد الرحمن بن أبي بكر، فأحرمت بعمرة، ثم أتت إلى البيت فطافت به وبين الصفا والمروة وقصرت، فذبح عنها بقرة".