للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أراد بالحجة: الجواب عن ما احتج به أهل المقالة الأولى من حديث جابر الذي فيه قضية عائشة، في أن القارن ليس عليه إلاَّ طواف واحد، وتقريره أن يقال: إن قضية عائشة التي حدث بها جابر -رضي الله عنه- قد رواها عروة بن الزبير عنها على غير ذلك، وذلك أنه -عليه السلام- أمرها في حديث جابر وهي محرمة بالعمرة ثم بالحجة أن تطوف بالبيت وتسعى.

وأهل المقالة الأولى استدلوا به على أن القارن يطوف طوافًا واحدًا لا غير، وفي حديث عروة عن عائشة هذا أمرها رسول الله -عليه السلام- حين حاضت أن تدع عمرتها، وذلك قبل طوافها للعمرة، وكيف يكون طوافها في حجتها التي أحرمت بها بعد ذلك يجزيء عن حجتها هذه، وعن عمرتها التي قد رفضتها؟! هذا محال، وجه الإِحالة هو أن الطواف الواحد لا يمكن أن يكون لحجة هي متلبسة بها، ولعمرة مرفوضة لم توجد أصلاً.

فإن قيل: قد فسر الطحاوي حديث عطاء عن عائشة -المذكور عن قريب-: "إن طوافك يكفيك لحجك وعمرتك" بأن معناه الطواف المفعول للحج يجزيء عن الحج والعمرة، وها هنا قال: هذا محال، وبين الكلمتين تناقض.

قلت: ذاك التفسير إنما كان ردَّا لما قاله أهل المقالة الأولى ولهذا قال: وأنتم لا تقولون هذا، إنما تقولون: طواف القارن طواف لقرانه لا لحجته دون عمرته، ولا لعمرته دون حجته، ألا ترى بعد ذلك كيف نفى هذا أيضًا حيث؟ قال: المراد من الذي ذكر أنه يكفيها: هو الحج من الحجة والعمرة لا الطواف.

ثم إنه أخرج الحديث المذكور من ثلاث طرق صحاح:

الأول: عن أبي بكرة بكَّار القاضي، ومحمد بن خزيمة، كلاهما عن عثمان بن الهيثم شيخ البخاري، عن عبد الملك بن جريج المكي، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام، عن عائشة -رضي الله عنها-.

<<  <  ج: ص:  >  >>