للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "من صلى معنا هذه الصلاة". أراد بها صلاة الغداة بالمزدلفة.

قوله: "وقد وقف معنا". جملة حالية، أي: والحال أنه قد وقف معنا بعرفات قبل ذلك.

قوله: "أفاض قبل ذلك". جملة حالية أيضًا بتقدير "قد" كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (١) أي قد حصرت، والتقدير: قد أفاض قبل وقوفه بالمزدلفة من عرفة ليلاً أو نهارًا.

قوله: "وقضى تفثه". قال الترمذي: يعني نسكه، والتفث بالتاء المثناة من فوق والفاء المفتوحتين، والثاء المثلثة ما يفعله المحرم بالحج إذا حل كقص الشارب والأظفار ونتف الإِبط وحلق العانة، وقيل: هو إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقًا. ويستفاد منه أحكام:

فرضية الوقوف بعرفة؛ لأنه علق تمام الحج [بالوقوف] (٢) بها وجواز الوقوف بها ليلاً ونهارًا؛ لأن وقته من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر.

ووجوب الوقوف بالمزدلفة على ما يأتي بيان الخلاف فيه إن شاء الله تعالى.

واستدلت به الظاهرية على أن صلاة الغداة بالمزدلفة مع الإِمام من فروض الحج كالوقوف بعرفة.

وقال ابن حزم في "المحلى": ومن لم يدرك مع الإِمام بمزدلفة صلاة الغداة فقد بطل حجه إن كان رجلاً، ثم استدل عل ذلك بحديث عروة بن مضرس هذا.

قلنا: ظاهر الحديث متروك بالإِجماع، ألا ترى أنهم أجمعوا على أن من وقف بالمزدلفة ليلاً إذا دفع منها قبل الصبح أن حجه تام؟ فلو كان حضور الصلاة مع الإِمام فرضًا من فرائض الحج ما أجزأه، فلم يبق إلاَّ أنه من سنن الحج.


(١) سورة النساء، آية: [٩٠].
(٢) "في الأصل، ك": "بالوقف".

<<  <  ج: ص:  >  >>