للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضيلة والكمال لا نفي الأصل، كما في قوله -عليه السلام-: "لا وضوء لم يذكر اسم الله عليه" (١)، وكما روي عن عمر -رضي الله عنه-: "من قدَّم ثقله فلا حج له" (٢).

ص: وقد روى عبد الرحمن بن يعمر الديلي، عن النبي -عليه السلام- ما يدل على ذلك:

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يعلى بن عُبيد، قال: ثنا سفيان، عن بكير ابن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: "رأيت رسول الله -عليه السلام- واقفًا بعرفات، فأقبل أناس من أهل نجد فسألوه عن الحج، فقال: الحج يوم عرفة، ومن أدرك جمعًا قبل صلاة الصبح فقد أدرك الحج، أيام منى ثلاثة أيام التشريق، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، ثم أردف خلفه رجلاً ينادي بذلك".

حدثنا علي، قال: ثنا شبابة بن سوار، قال: ثنا شعبة، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، قال: قال رسول الله -عليه السلام- ... ثم ذكر مثله، ولم يذكر سؤال أهل نجدٍ ولا إردافه الرجل.

ففي هذا الحديث أن أهل نجد سألوا رسول الله -عليه السلام- عن الحج فكان جوابه لهم: "الحج يوم عرفة".

وقد علمنا أن جواب رسول الله -عليه السلام- هو الجواب التام الذي لا نقص فيه ولا فضل؛ لأن الله تعالى قد آتاه جوامع الكلم وخواتمه، فلو كان عندما سألوه عن الحج أرادوا بذلك ما لا بد منه في الحج لكان يلكر عرفة والطواف ومزدلفة، وما يفعل في الحج سوى ذلك، فلما ترك ذكر ذلك في جوابه إياهم، علمنا أن ما أرادوا [بسؤالهم] (٣) إياه عن الحج وهو ما إذا فات الحج، فأجاجهم بأن قال: "الحج يوم عرفة"، فلو كانت مزدلفة كعرفة لذكر لهم مزدلفة مع ذكره عرفة،


(١) أخرجه أبو داود في "سننه" (١/ ٢٥ رقم ١٠١)، وابن ماجه في "سننه" (١/ ١٤٠ رقم ٣٩٩) من حديث أبي هريرة، وروي من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أيضًا.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣/ ٤٠٤ رقم ١٥٣٨٩).
(٣) تكررت في "الأصل، ك".

<<  <  ج: ص:  >  >>