للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: عن علي بن معبد أيضًا، عن شبابة بن سوَّار الفزاري، عن شعبة بن الحجاج، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر.

وأخرجه الطبراني في "الكبير": ثنا علي بن عبد العزيز ومحمد بن يحيى القزاز البصري، قال: ثنا حفص بن عمر الحوضي، نا شعبة، عن بكير بن عطاء، قال: سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي: "أن النبي -عليه السلام- سئل عن الحج، فقال: يوم عرفة أو عرفات. وقال: من أدرك ليلة جمع قبل أن يصلي فقد أدرك، أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه".

قوله: "ففي هذا الحديث". أي حديث عبد الرحمن بن يعمر: أن أهل نجد سألوا رسول الله -عليه السلام- عن الحج فأجاب -عليه السلام- لهم بقوله: "الحج يوم عرفة"، وجوابه -عليه السلام- تام لا يأتي إلاَّ على طِبْق السؤال، فدل أن الوقوف بعرفة فرض، ولو كان سؤالهم عن جميع ما لا بد منه في الحج لكان رسول الله -عليه السلام- يذكر مع عرفة الطواف والسعي والوقوف بمزدلفة ورمي الجمار وغير ذلك، فلما اقتصر في كلامه على قوله: "الحج يوم عرفه" علمنا أن سؤالهم لم يكن إلاَّ عن شيء إذا فات فات الحج بفواته، فلو كان الوقوف بمزدلفة كالوقوف بعرفة لذكرها مع عرفة؛ ولم يذكر إلاَّ عرفة لأنها صلب الحج الذي إذا فات الوقوف بها فات الحج.

قوله: "ثم قال كلامًا مستأنفًا". أي: ثم قال النبي -عليه السلام- كلامًا مبتدأ غير متعلق بالكلام الذي قبله وهو قوله: "ومن أدرك جمعًا ... إلى آخره" وإنما استأنف هذا ليُعْلِم الناس -من الإِعلام- من أدرك جمعًا -أي المزدلفة- قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج معناه: فقد أدرك الحج بما تقدم له من الوقوف بعرفة، وليس معناه أنه أدرك جميع الحج عل معنى لم يبق عليه شيء من الحج؛ لأن بعد ذلك طواف الزيارة وهو من فروض الحج. والتحقيق في هذا الموضع أن في قوله: "فقد أدرك الحج"، إضمار شيء، تقديره: فقد أدرك معظم الحج وهو الوقوف بعرفة وإدراك الجمع إذْ لو لم يقدر هذا لفسد المعنى؛ لأنه بقي عليه طواف الزيارة وهو من الفروض،

<<  <  ج: ص:  >  >>