وعلى الثاني يكون المشعر الحرام اسمًا لموضع الوقوف في المزدلفة، فافهم.
قوله:"ما بدا لهم" أي ما ظهر لهم، وأراد به: ما تيسر لهم.
ص: فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى أنه لم يذكر في هذا الحديث عن ابن عمر أن رسول الله -عليه السلام- رخص لهم في رمي جمرة العقبة حينئدٍ، وقد يجوز أن تكون تلك الرخصة التي كان رخصها لهم هي الدفع عن مزدلفة بليل خاصة.
ش: أي فكان من الدليل والبرهان على أهل المقالة الأولى، وأراد به الجواب عن الحديث المذكور، وهو ظاهر.
ص: واحتجوا أيضًا في ذلك بما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسدٌ، قال: ثنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله مولى أسماء، عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنها قالت:"أي بني، هل غاب القمر ليلة الجمع؟ قال: قلت: لا، فصلت ساعة، ثم قالت: أي بني هل غاب القمر -وقد غاب-؟ فقلت: نعم، قالت: فارتحلوا إذا، فارتحلنا، ثم مضينا بها حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها: أي هنتاه، لقد غَلَّسْنَا، قالت: كلّا يا بني، إن النبي -عليه السلام- أذن للظعن".
فقد يحتمل أن يكون أراد بالتغليس في الدفع من مزدلفة، ويجوز أن يكون أراد بالتغليس في الرمي، فأخبرته أن نبي الله -عليه السلام- أذن لهم في التغليس لمَّا سألها عن التغليس به من ذلك.
ش: أي واحتج أهل المقالة الأولى أيضًا فيما ذهبوا إليه بحديث أسماء -رضي الله عنها-، وإسناده صحيح.
وسعيد بن سالم القداح أبو عثمان الخراساني، قال ابن معين: ليس به بأس.
وقال أبو حاتم: محله الصدق. روى له أبو داود.
وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي.