قوله:"لقد غَلَسْنَا". بتخفيف اللام وأراد به: رمينا بالغلس، والغلس آخر الليل حين يشتد سواده. قاله أبو زيد، ومنه غَلَّسْنَا أي فعلنا ذلك وأتيناه في ذلك الوقت.
قوله:"أذن للظُّعُن". بضم الظاء والعين وبإسكانها: جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج، سميت به على حد تسمية الشيء باسم الشيء لقربه منه، وقيل: سميت بذلك؛ لأنها تظعن مع زوجها، ولا تسمى ظعينة إلاَّ وهي في هودج، وعن ابن السكيت: كل امرأة ظعينة، كانت في هودج أو غيره. وقال ابن سيده: الجمع ظعائن وظُعُن وأَظْعَان وظَعُنَات الأخيرتان جمع الجمع، وفي "الجامع" قالوا: الظعن والأظعان: الهوادج كانت فيها نساء أو لم تكن، ولا يقال: ظُعُن إلاَّ للإِبل التي عليها الهوادج.
وقيل: الظعن الجماعة من النساء والرجال، وفي "المحكم": الظُعُن جمع ظاعن، والظَّعَن اسم للجمع، والظعون من الإِبل الذي تركبه المرأة خاصة. وتقول: ظَعَنَ يَظْعن ظَعِينًا وظُعونًا ذهب، وأظعنه هو، والظعينة: الجمل يظعن عليه، والظعينة المرأة في الهودج.
قوله:"فقد يحتمل ... إلى آخره" جواب عن احتجاجهم بالحديث المذكور، وهو ظاهر.
ص: فكان من الحجة للذين ذهبوا إلى أن وقت رميهم بعد طلوع الشمس ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا فضيل بن سليمان، قال: ثنا موسى بن عقبة، قال: ثنا كريب، عن ابن عباس:"أن النبي -عليه السلام- يأمر نساءه وثقله صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسوادٍ، ولا يرموا الجمرة إلاَّ مصبحين".
ففي هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام- أمرهم بالإِفاضة مع أول الفجر بسواد، ولا يرموا حتى يصبحوا، فدل ذلك على أن الوقت الذي أمرهم بالرمي فيه ليس أول طلوع الفجر، ولكن أوله الإِصباح الذي بعد ذلك.