للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبين رسول الله -عليه السلام- لهم في هذا الحديث وقت الإِصباح الذي أمرهم بالرمي فيه في الحديث الذي في الفصل الذي قبل هذا، وأنه بعد طلوع الشمس.

ش: لما دل حديث كريب عن ابن عباس أن وقت الرمي ليس أول طلوع الفجر ولكن أوله الإِصباح الذي بعده؛ شرع يبين المراد من الإِصباح ما هو؟ فإنه يحتمل أن يكون طلوع الشمس، ويحتمل أن يكون قبل طلوعها، ولكن وجدت روايات عن ابن عباس أيضًا تدل صريحًا على أن المراد من ذلك الإِصباح هو طلوع الشمس، وهو ما رواه عن النبي -عليه السلام-: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس" فدل ذلك على أن معنى قوله -عليه السلام- في حديث كريب: "حتى تصبحوا" أي حتى تطلع الشمس عليكم؛ وذلك لأن الإِصباح هو الدخول في الصباح، والصباح في اللغة نقيض المساء، وهو وإن كان يتناول ما قبل طلوع الشمس من حين طلوع الفجر ولكن الحديث بيَّن أن المراد منه طلوع الشمس.

ثم إنه أخرج تلك الروايات عن ابن عباس من سبع طرق:

الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ البخاري، عن أبي بكر بن عياش بن سالم الكوفي الحناط -بالنون- المقرئ، قيل: اسمه محمد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل: شعبة، وقيل غير ذلك، روى له الجماعة -مسلم في مقدمة كتابه- عن سليمان الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم بن بجرة. وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (١): ثنا أسود بن عامر، ثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "قال رسول الله -عليه السلام- ليلة المزدلفة: يا بني أخي -لبني هاشم- تعجلوا قبل زحام الناس، ولا يرمين أحد منكم العقبة حتى تطلع الشمس".


(١) "مسند أحمد" (١/ ٣٧١ رقم ٣٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>