النسائي وابن ماجه:"أُبَيْنِيَّ" بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وكسر النون وتشديد الياء، قال الأزهري: تصغير بنين، قلت: تحقيقه أنه لما صُغِّرَ عادت الهمزة، فصار: أبنيون، ولما أضيف إلى ياء المتكلم صار: أبينوي؛ لأن النون سقطت للإِضافة، ففعل به ما ذكرنا الآن فصار: أبيني، والتقدير: يا أبيني حذف حرف النداء للعلم به، وقال الجوهري: الابن أصله بَنَوٌ والذاهب منه "واو" كما ذهب من أب وأخ، والتصغير بني وتصغير أبناء أبيناء وإن شئت أبينون على غير مكبره، قال الشاعر:
مَنْ يَكُ لا ساءَ فقد ساءني ... تَركُ أُبَيْنِيكَ إلى غَيرِ راعِ
كأن واحده ابن، مقطوع الألف، فصغره فقال: أبينون
قوله:"على حُمُرات" بضم الحاء المهملة والميم جمع صحة لحمر الذي هو جمع حمار.
ص: فهذا الحديث هو أولى من حديث شعبة مولى ابن عباس، لأن هذا قد تواتر عن ابن عباس بأمر رسول الله -عليه السلام- إياهم على ما ذكرنا.
ش: هذا جواب عما يقال: إن حديثي ابن عباس متعارضان ظاهرًا، فلا يتم الاستدلال بهما، فقال: هذا الحديث أولى؛ لأنه صحيح الإِسناد ورواته ثقات، وكثرت طرقه وهو معنى قوله:"تواتر عن ابن عباس بأمر رسول الله -عليه السلام- إياهم" بخلاف حديث شعبة مولى ابن عباس المذكور في أول الباب، فإنه ضعيف على ما ذكرنا، وليس فيه أمرٌ من النبي -عليه السلام- بذلك في طريقيه على ما مرَّ.
ص: ولأن الإِفاضة من مزدلفة إنما رخص للضعفاء فيها ليلاً، لئلا تصيبهم حطمة الناس في وقت إفاضتهم، فإذا صاروا إلى منى أمكنهم من رمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس قبل مجيء الناس ما يمكن غير الضعفاء إذا جاءوا؛ لأن غير الضعفاء إنما يأتونهم في وقت ما يفيضون وذلك قبل طلوع الشمس، هكذا أمرهم رسول الله -عليه السلام-.