ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء بن أبي رباح وطاوسًا ومجاهدًا والشعبي والشافعي؛ فإنهم قالوا: يجوز رمي جمرة العقبة ليلة النحر قبل طلوع الفجر.
وقال ابن أي شيبة في مصنفه (١): نا عبد العزيز بن عبد الصمد العمِّي، عن عطاء ابن السائب قال:"رأيت أبا جعفر يرمي قبل طلوع الشمس، وكان عطاء وطاوس ومجاهد والنخعي وعامر بن شراحيل وسعيد بن جبير يرمون حين يقدمون أي ساعة قدموا، لا يرون به بأسًا".
قوله:"وقالوا". أي هؤلاء القوم.
قوله:"لبعد ما بين الموضعين". لأن بينهما ثلاثة أميال.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يجوز لأحد أن يرميها قبل طلوع الفجر، ومن رماها قبل طلوع الفجر فهو في حكم من لم يرم، وعليه أن يعيد الرمي في وقت الرمي، فإن لم يفعل كان عليه لذلك دم.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري وأبا حنيفة ومحمدا ومالكًا وأحمد وإسحاق، فإنهم قالوا: لا يجوز رمي جمرة العقبة قبل طلوع الفجر، حتى قال الثوري: لا يجوز إلاَّ بعد طلوع الشمس، وبه قال النخعي في رواية، وقد مضى الكلام فيه في السابق.
ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن هذا الحديث قد اختلف فيه عن هشام بن عروة، فروي عنه على ما ذكرنا، وروي عنه على خلاف ذلك:
حدثنا الربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة قالت:"أمرها رسول الله -عليه السلام- يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة".
ففي هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام- أمرها بما أمرها به من هذا يوم النحر، فذلك