للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صلاة الصبح في اليوم الذي بعد يوم النحر، وهذا خلاف الحديث الأول، وقد عجَّل رسول الله -عليه السلام- أيضًا من جمع أزواجه غير أم سلمة، وكان مضيهم إلى منى، وبها صلوا صلاة الصبح ولم يتوجهوا حينئذٍ إلى مكة، فمها روي في ذلك:

ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عُبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: "أن سودة بنت زمعة استأذنت رسول الله -عليه السلام- أن تصلي يوم النحر الصبح بمنى، فأذن لها -وكانت امرأة ثبطة، فوددت أني استَأذَنْتْه لما اسْتَأْذَنَتْهُ".

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن شوال، أنه سمع أم حبيبة تقول: "كنا نغلس على عهد النبي -عليه السلام- من المزدلفة إلى منى".

ففي هذا أنهم كانوا يفيضون [بعد طلوع] (١) الفجر، فهذا أبعد لهم مما في الحديث الأول.

وقد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب من حديث أسماء أنها رمت ثم رجعت إلى منزلها فصلت الفجر، فقلت لها: لقد غلسنا، فقالت: رخص رسول الله -عليه السلام- للظعن".

فأخبرت أن ما قد كان رخص رسول الله -عليه السلام- في ذلك للظعن هو الإِفاضة من المزدلفة في وقت ما يصيرون إلي منى، في حال ما لهم أن يصلوا صلاة الصبح، ولما اضطرب حديث هشام بن عروة على ما ذكرنا لم يكن العمل بما رواه حماد بن سلمة أولى مما رواه محمد بن خازم، وقد ذكر حماد بن سلمة في حديثه أن رسول الله -عليه السلام- إنما أراد بتعجيله أم سلمة إلى حيث عجلها؛ لأنه يومها ليصيب منها في يومها ذلك ما يصيب الرجل من أهله ورسول الله -عليه السلام- في يوم النحر فلم يبرح منى ولم يطف طواف الزيارة إلى الليل.


(١) في "الأصل، ك": "بعد ما طلع"، والمثبت من "شرح معاني الآثار"، وعليه شرح المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>