للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أيام الرمي رماها ولا شيء عليه غير ذلك من دم ولا غيره، وإن لم يذكرها حتى مضت أيام الرمي فذكرها لم يرمها وكان عليه في تركها دم.

ش: استدل أبو حنيفة بالحديث المذكور على أن الليل وقت للرمي كالنهار، فقال: لو رمى جمرة العقبة في الليلة التي بعدها يوم النحر جاز ولا شيء عليه، وإن أخرها من هذه الليلة حتى أصبح من اليوم الثاني رماها ولكن عليه دم لتأخيره إياها عن وقتها.

وقال أبو يوسف ومحمد: لا شيء عليه.

والخلاف يرجع في ذلك إلى أن الرمي مؤقت عند أبي حنيفة، وعندهما ليس بمؤقت، حتى لا يجب الدم عندهما إلاَّ بتأخيره عن أيام الرمي كلها، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق، وذكر في شرح "الموطإ" للإِشبيلي، وقال الشافعي: من أخر أو نسي شيئًا من الرمي أيام منى قضى ذلك أيام منى، فإن مضت أيام منى ولم يرم أراق دمًا إن كان الذي ترك ثلاث حصيات، وإن كان أقل تصدق عن كل حصاة بِمُدٍّ، وقال الزهري وعطاء بن أبي رباح: من نسي أن يرمي نهارًا فليرم ليلاً، فإن مضت أيام منى أهراق دمًا، وقال عطاء: إذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق فقد انقطع الرمي، وقد روي أن الرمي يفوت بطلوع الفجر في آخر أيام التشريق، وهي رواية شاذة، وقال عروة: من فاته الرمي بالنهار لم يرم ليلاً وأخره إلى الغد؛ لأنه لما أرخص النبي -عليه السلام- للرعاء في الرمي ليلاً دل على أن الرمي بالنهار أفضل.

وقال مالك: إن رمى جمرة العقبة بعد الغروب فأحبّ إلَّي أن يهريق دمًا، وإن أخرها إلى أيام التشريق كان عليه هدي، وسئل مالك عمن نسي رمي جمرة من الجمار في بعض أيام منى حتى يمسي قال: ليرم آية ساعة ذكر من ليلى أو نهار، كما يصلي الصلاة إذا نسيها، فإن كان ذلك بعذر بعدما صدر وهو بمكة، أو بعدما يخرج منها فعليه هدي، وفي "الأحكام" لابن بزيزة: رمي جمرة العقبة هل هو ركن أم لا؟ فيه قولان، والمشهور أن من حج ولم يرمها فحجه

<<  <  ج: ص:  >  >>