ونا أبو بكر بن إسحاق الفقية، نا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البداح بن عدي، عن أبيه:"أن رسول الله -عليه السلام- رخص للرعاء أن يرموا يومًا ويدعوا يومًا".
هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه.
وقال الترمذي أيضًا: هذا حديث حسن صحيح.
قوله:"للرعاء" بكسر الراء، جمع راعي الغنم، وقد يجمع على رُعاء بالضم.
قوله:"أن يتعاقبوا" أي بأن يتعاقبوا و"أن" مصدرية، والمعنى: رخص لهم بالتعاقب وهو التناوب بينهم في الرمي، وهو أن يرموا نوبة ويتركوه أخرى، وأصل التعقيب أن يعمل عمل ثم يعاد فيه.
قوله:"يدعون" أي يتركون.
قوله:"يرمون الغد وبعد الغد" في رواية أبي داود يعني الغد من يوم النحر.
قوله:"ثم يرمون يوم النفر" يحتمل أن يريد ثاني أيام منى، يريد النفر الأول، وأراد به تفسير أحد اليومن اللذين يرمي لهما، ويكون فائدة قوله:"ثم يرمون ليوم النفر" أنه لا يجوز أن يرمي لليوم الثاني حتى يكمل رمي الأول، ويحتمل أن يريد بقوله:"ثم يرمون يوم النفر" اليوم الثالث لمن لم يتعجل.
ص: ثم النظر في ذلك يشهد لهذا القول أيضًا، وذلك أنا رأينا أشياء تفعل في الحج الدهر كله، وقت لها منها السعي بين الصفا والمروة، وطواف الصدر ومنها أشياء تفعل في وقت خاص هو وقتها خاصة، منها رمي الجمار، وكان ما الدهر وقت له من هذه الأشياء متى فُعل فلا شيء على فاعله مع فعله إياه من دم ولا غيره، وما كان منها له وقت خاص من الدهر إذا لم يفعل في وقته وجب على تاركه الدم، وكان ما كان منها يفعل لبقاء وقته فلا شيء على فاعله غير فعله إياه، وما كان منها لا يفعل لعدم وقته وجب مكانه الدم، وكانت جمرة العقبة إذا