بما رواه وكيع، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس: "لا يقطع المعتمر التلبية حتى يستلم الركن".
وقال ابن حزم: والذي نقول به فهو قول ابن مسعود، أنه لا يقطعها حتى يتم جميع عمل العمرة.
ص: وقالوا: لا حجة لكم في هذه الآثار التي احتججتم بها علينا؛ لأن المذكور فيها أن بعضهم كان يكبر وبعضهم كان يهل لا يمنع أن يكونوا فعلوا ذلك، ولهم أن يلبوا، فإن الحاج فيما قبل يوم عرفة له أن يكبر وله أن يهل وله أن يلبي، فلم يكن تكبيره وتهليله يمنعانه من التلبية، فكذلك ما ذكرتموه من تهليل رسول الله -عليه السلام- وتكبره يوم عرفة لا يمنع ذلك من التلبية.
ش: أي قال هؤلاء الآخرون لأهل المقالة الأولى: لا حجة لكم في الآثار المذكورة، وهي أحاديث ابن عمر وأسامة بن زيد وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهم-، أراد أن احتجاج هؤلاء بهذه الأحاديث غير تام، لأن المذكور فيها التكبير والتهليل وهو لا يستلزم نفي وجود التلبية، وكذلك ما ذكروا من تهليل رسول الله -عليه السلام- وتكبيره يوم عرفة لا يستلزم نفي تلبيته، وهذا ظاهر.
ص: وقد جاءت عن رسول الله -عليه السلام- آثار متواترة بتلبيته بعد عرفة إلى أن رمي جمرة العقبة، فمن ذلك: ما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا سعيد بن سليمان، قال: ثنا عباد بن العوام، عن محمد بن إسماعيل، عن أبان بن صالح، عن عكرمة قال:"وقفت مع الحسين بن علي -رضي الله عنهما- فكان يلبي حتى رمي جمرة العقبة، فقلت: يا أبا عبد الله ما هذا؟ فقال: كان أبي يفعل [ذلك](١)، فقال عبد الله بن عباس: صدق، أخبرني الفضل أخي أن رسول الله -عليه السلام- لبي حتى انتهى إليها، وكان رديفه".
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".