للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهر الحديث: "أن رسول الله -عليه السلام- لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة" ولم يقل: حتى رمى بعضها.

قلت: روى البيهقي (١): من حديث شريك، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عبد الله: "رمقت النبي -عليه السلام- فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة".

فإن قيل: أخرج ابن خزيمة في "صحيحه" (٢): عن الفضل بن عباس قال: "أفضت مع رسول الله -عليه السلام- من عرفات، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة".

قلت: قال البيهقي: هذه زيادة غريبة ليست في الروايات عن الفضل، وإن كان ابن خزيمة قد اختارها، وقال الذهبي: فيه نكارة.

وقوله: "يكبر مع كل حصاة" يدل على أنه قطع التلبية مع أول حصاة، وهذا ظاهر لا يخفى.

فإن قيل: هذا حكم الحاج، فما حكم المعتمر؟.

قلت: قال قوم: يقطع المعتمر التلبية إذا دخل الحرم، وقال قوم: لا يقطعها حتى يري بيوت مكة، وقال قوم: حتى يدخل بيوت مكة، وقال أبو حنيفة: لا يقطعها حتى يستلم الحجر، فإذا استلمه قطعها.

وقال الليث: إذا بلغ إلى الكعبة قطعها.

وقال الشافعي: لا يقطعها حتى يفتتح الطواف.

وقال مالك: إن أحرم من الميقات قطعها إذا دخل الحرم، وإن أحرم من الجعرانة أو من التنعيم قطعها إذا دخل بيوت مكة، أو إذا دخل المسجد، واستدل أبو حنيفة


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ١٣٧ رقم ٩٣٨٥).
(٢) "صحيح ابن خزيمة" (٤/ ٢٨٢ رقم ٢٨٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>