للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقرير الجواب أن يقال: إن قياس اللباس على الحلق أشبه من القياس على القبلة؛ لأن القبلة من بعض أسباب الجماع ومقدماته وحكمها حكمه -أي حكم القبلة حكم الجماع- تحل -أي القبلة- حيث يحل -أي الجماع- وتحرم -أي القبلة- حيث يحرم -أي الجماع- والحلق واللباس ليسا من مقدمات الجماع ولا من دواعيه، وإنما هما من أسباب إصلاح البدن لإِزالة الشعث والدرن ودفع الحر والبرد، فقياس كل واحد منهما على صاحبه لقرب الشبه بينهما أول من القياس على القبلة التي ليس بينها وبين اللباس شبه ما، والله أعلم.

ص: وقد قال ذلك أصحاب رسول الله -عليه السلام- من بعده:

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "إذا حلقتم ورميتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء والطيب".

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر مثله.

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: "أن عمر -رضي الله عنه- خطب الناس بعرفة ... " فذكر مثله.

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج وموسى، عن نافع، عن ابن عمر: "أنه كان يأخذ من (أطرافه) (١) وشاربه ولحيته يعني قبل أن يزور".

ش: أي وقد قال ما ذكرنا -أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة وحلق؛ حل له اللباس- جماعة من أصحاب رسول الله -عليه السلام- منهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.


(١) كذا في "الأصل"، وفي "شرح معاني الآثار": "أظفاره".

<<  <  ج: ص:  >  >>