ش: أي ثم رجعنا إلى بيان وجه النظر والقياس بين هذين الفريقين، وهما الفريقان اللذان افترقا من أهل المقالة الثانية على فرقتين:
فرقة قالوا: حكم الطيب للمحرم إذا رمى جمرة العقبة وحلق؛ حكم اللباس فيحل كما يحل اللباس.
وفرقة قالوا: حكمه حكم الجماع لا يحل حتى يحل الجماع، وذلك بعد طواف الزيارة، وأراد أهل المقالة الأولى الذين قالوا: لا يحل اللباس والطيب حتى تحل له النساء، وباقي الكلام ظاهر.
قوله:"بسبب واحد بأسباب مختلفة" الباء في قوله: "بسبب واحد" تتعلق بقوله: "قد كان حرم عليه" والباء التي في قوله: "بأسباب" تتعلق بقوله: "حل" في قوله: "فثبت أنه حل".
قوله:"فالنظر على ذلك ... إلى آخره" نتيجة ما ذكره من المقدمات.
ص: فإن قال قائل: فقد رأينا القبلة حرامًا على المحرم بعد أن يحلق، وهي قبل الوقوف بعرفة في حكم اللباس لا في حكم الجماع، فلم لا كان اللباس بعد الحلق أيضًا كهي؟
قيل له: إن اللباس بالحلق أشبه منه بالقبلة؛ لأن القبلة هي بعض أسباب الجماع، وحكمها حكمه، تحل حيث يحل وتحرم حيث يحرم، في النظر في الأشياء كلها، والحلق واللباس ليسا من أسباب الجماع إنما هما من أسباب إصلاح البدن، فحكم كل واحد منهما بحكم صاحبه أشبه من حكمه بالقبلة.
فقد ثبت بما ذكرنا أنه لا بأس باللباس بعد الرمي والحلق.
ش: تقدير السؤال أن يقال: لم جعلتم حكم اللباس بعد الرمي والحلق كحكم قص الشعر وقلم الأظفار قياسًا على ما كان من حكمهما مثل حكمه قبل الوقوف بعرفة، فلم لم تجعلوا حكمه بعد الرمي والحلق كحكم القبلة في كونها حرامًا بعد الحلق أيضًا قياسًا على ما كان من حكمهما مثل حكمه قبل الوقوف بعرفة؟