ش: أي هذا المذكور في الحكم وهو حل اللباس والطيب بعد رمي جمرة العقبة والحلق موضع يحتمل النظر والقياس، ثم بين ذلك بقوله:"وذلك ... إلى آخره" وهو ظاهر قوله: "حتى يكون الحلق" أي حتى يوجد، و"كان" هذه تامة.
قوله:"ثم رأيناه" أي المعتمر.
قوله:"وإن حل له أن يحلق" كلمة "أن" واصلة بما قبلها.
ص: ثم رجعنا إلى النظر بين هذين الفريقين وبين أهل المقالة الأولى الذين ذهبوا إلى حديث عكاشة -رضي الله عنه- فرأينا الرجل قبل أن يحرم حل له النساء والطيب واللباس والصيد والحلق وسائر الأشياء التي تحرم عليه بالإِحرام، فإذا أحرم حرم عليه ذلك كله بسبب واحد وهو الإِحرام؛ فاحتمل أن يكون كما حرمت عليه بسبب واحد أن يحل منها أيضًا بسبب واحد، واحتمل أن يحل منها بأشياء مختلفة إحلالًا بعد إحلال؛ فاعتبرنا ذلك، فرأيناهم قد أجمعوا أنه إذا رمى فقد حل له الحلق، هذا ما لا خلاف فيه بين المسلمين، وأجمعوا أن الجماع حرام عليه على حاله الأولى؛ فثبت أنه حل مما قد كان حرم عليه بسبب واحد بأسباب مختلفة؛ فبطلت بهذا العلة التي ذكرنا، فلما ثبت أن الحلق يحل له إذا رمى، وأنه مباح له بعد حلق رأسه أن يحلق ما يشاء من شعر بدنه ويقص أظفاره؛ أردنا أن ننظر حكم اللباس حكم ذلك أو حكمه حكم الجماع ولا يحل حتى يحل الجماع؟ فاعتبرنا ذلك فرأينا المحرم بالحج إذا جامع قبل أن يقف بعرفة فسد حجة، ورأيناه إذا حلق شعره أو قص أظفاره وجبت عليه في ذلك فدية ولم يفسد بذلك حجه، ورأيناه لو لبس ثيابًا قبل وقوفه بعرفة لم يفسد عليه ذلك إحرامه ووجبت عليه في ذلك فدية؛ فكان حكم اللباس قبل عرفة مثل حكم قص الشعر والأظفار، لا مثل حكم الجماع، فالنظر على ذلك أن يكون حكمه أيضًا بعد الرمي والحلق كحكمهما لا [كحكم](١) الجماع، فهذا هو النظر في ذلك.
(١) فى "الأصل، ك": "حكم"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".