يا ابن عباس، والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيت رسول الله -عليه السلام- يضمخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا؟!
قوله:"يضمخ" من التضميخ بالخاء المعجمة وهو التلطخ بالطيب وغيره والإِكثار منه.
قوله:"بالسُّكِّ" بضم السين وتشديد الكاف وهو طيب معروف يضاف إلى غيره ويستعمل، وفي "المطالع": "السك" طيب مصنوع من أخلاط قد جمعت وهكذا وقع في رواية البيهقي: "السك"، وفي رواية النسائي وابن ماجه:"المسك" بالميم على ما ذكرنا.
قوله:"أفطيب هو" بالفاء في رواية الطحاوي، وكذا في رواية ابن ماجه، وفي رواية النسائي بالواو "أو طيب هو" وهو استفهام على سبيل التقرير، والمعنى: أو ليس هو بطيب؟
ومن فوائد هذا الحديث: إباحة استعمال المسك للرجال وكذا في الأكل.
ص: وهذا موضع يحتمل النظر، وذلك أن الإِحرام يمنع من حلق الرأس، واللباس والطيب؛ فيحتمل أن يكون حلق الرأس إذا حل حلت هذه الأشياء، واحتمل أن لا تحل حتى يكون الحلق، فاعتبرنا ذلك فرأينا المعتمر يحرم عليه بإحرامه في عمرته ما يحرم عليه بإحرامه في حجته، ثم رأيناه إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فقد حل له أن يحلق ولا يحل له النساء ولا الطيب ولا اللباس حتى يحلق، فلما كانت حرمة العمرة قائمة وإن حل له قبل أن يحلق حتى يحل من مدخل ولا يكون إذا حل له أن يحلق في حكم من قد حَلَّ له ما سوى ذلك من اللباس والطيب كان كذلك في الحجة، لا يجب لما حل له الحلق فيها أن يحل له كل شيء مما سواه مما كان حرم عليه بها حتى يحلق قياسًا ونظرًا على ما أجمعوا عليه في العمرة.