للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي قد رُوي أيضًا ما ذكرنا من جواز الطيب للمحرم بعد رمي الجمرة والحلق عن جماعة من التابعين، فإن عمر بن عبد العزيز أحد الخلفاء الراشدين، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وخارجة بن زيد بن ثابت، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري؛ كلهم أفتوا بجواز استعمال الطيب قبل طواف الإِفاضة، وذلك حين استفتاهم سليمان بن عبد الملك ابن مروان بن الحكم يوم النحر سنة حج في أيام خلافته، وكان قد تولاها في سنة ست وتسعين بعد أخيه الوليد بن عبد الملك، وتوفى سنة تسع وتسعين يوم الجمعة لعشر خلون من صفر منها، واستخلف بعده عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-.

وأخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن أفلح بن حميد بن نافع الأنصاري النجاري المدني روى له الجماعة غير الترمذي، عن أبي بكر بن محمد بن حزم بن [زيد] (١) الأنصاري الخزرجي ثم النجاري المدني اسمه وكنيته واحد.

قوله: "إلَّا أن عبد الله بن عبد الله ... إلى آخره" إشارة إلى أنه لم يفت لسليمان ابن عبد الملك كما أفتى به رفقته؛ فإنه قال: "كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- رجلاً رأى محمدًا" وأراد أن عبد الله صحابي شاهد من النبي -عليه السلام- ما لم يشاهده هؤلاء؛ لأنهم لم يدركوا النبي -عليه السلام-، وكان عبد الله إذا رمى جمرة العقبة أناخ بعيره، فنحر هديه وحلق رأسه ثم أفاض إلى البيت لطواف الإِفاضة، ولم يذكر فيه أنه تطيب، ولكن فتوى هؤلاء هي سنة رسول الله -عليه السلام- على ما ثبت في أحاديث عائشة وغيرها، على أن كلام عبد الله لا يفهم منه نفي التطيب؛ لأنه ساكت عنه، ويحتمل أنه ما رأى ذلك منه فحكى ما شاهده فقط، وكيف وقد مضى في حديث طاوس عن ابن عمر قال: قال عمر ... الحديث، وفي آخره: "فسُنَّة رسول الله -عليه السلام- أحق أن يؤخذ بها من سُنة عمر -رضي الله عنه-".


(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من مصادر ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>