وأخرج البيهقي (١): من حديث ابن عُيينة، عن عمرو، عن سالم قال: قالت عائشة: "أنا طيبت رسول الله -عليه السلام- لحله وإحرامه. قال سالم: وسنة رسول الله -عليه السلام- أحق أن تتبع".
ص: والنظر بعد ذلك في هذا يدل على ذلك أيضًا؛ لأن حكم الطيب بحكم اللباس أشبه من حكمه بحكم الجماع لما قد فسرنا مما قد تقدم في هذا الباب، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أي والقياس بعد ورود الأحاديث في إباحة الطيب بعد رمي جمرة العقبة والحلق يدل على ما ذكر من إباحته أيضًا، ووجهه: أن حكم الطيب بحكم اللباس أشبه؛ لأن كلًّا منهما مما يُزَيَّن به، بخلاف الجماع فلا يلحق به، والله أعلم.
ص: وقد رُوي ذلك أيضًا عن جماعة من التابعين:
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا أفلح بن حميد، عن أبي بكر بن حزم قال:"دعانا سليمان بن عبد الملك يوم النحر؛ أن سر إلى عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعبد الله بن عبد الله بن عمر وخارجة بن زيد وابن شهاب -رضي الله عنهم- فسألهم عن الطيب في هذا اليوم قبل أن نفيض، قالوا: تطيب يا أمير المؤمنين، إلاَّ أن عبد الله بن عبد الله قال: كان عبد الله بن عمر رجلاً قد رأى محمدًا -عليه السلام-، وكان إذا رمى جمرة العقبة أناخ فنحر وحلق، ثم مضى مكانه فأفاض إلى البيت".
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر وربيعة بن عبد الرحمن:"أن الوليد بن عبد الملك سأل سالم بن عبد الله وخارجة بن زيد بن ثابت بعد أن رمى جمرة العقبة وحلق عن الطيب، فنهاه سالم ورخص له خارجة".