وأخرجه الترمذي (١): ثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي، قال: ثنا المحاربي، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن عمرو بن أوس، عن الحارث بن عبد الله بن أوس، قال: سمعت النبي -عليه السلام- يقول:"من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت، فقال عمر -رضي الله عنه-: خررت من يديك، سمعت هذا من رسول الله -عليه السلام- ولم تخبرنا به؟! ". وقال: هذا حديث غريب، وقال الحافظ المنذري: الإِسناد الذي خرجه أبو داود حسن، وأخرجه الترمذي بإسناد ضعيف وقال غريب.
قوله:"أربت عن يديك" بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون الباء الموحدة وبتاء الخطاب، وهذه لفظه في موضع الدعاء ومعناها سقطت أَرَابك، وهي جمع "أرب" وهو العضو، وقال ابن الأثير: معناه سقطت آرابك من اليدين خاصة، وقال الهروي: معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج، وفي هذا نظر، لأنه قد جاء في رواية الترمذي كما ذكرنا:"خررت عن يديك" وهي عبارة عن الخجل مشهورة، كأنه أراد أصابك خجل أو ذم، ومعنى خررت: سقطت.
قلت: ومن هذا القبيل ما جاء في حديث آخر: "أن رجلاً اعترض النبي -عليه السلام- ليسأله، فصاح به الناس فقال: دعوا الرجل أرب ماله" ففي هذه اللفظة ثلاث روايات: أَرِبَ على وزن عَلِمَ ومعناها الدعاء عليه، أي أصيبت أرابه وسقطت، وهي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر، كما يقال: تربت يداك، وقاتلك الله، وإنما تذكر في معرض التعجب.
والثانية أَرَبٌ ماله على وزن جَمَلَ أي حاجة له، وكلمة "ما" زائدة للتقليل، أي حاجة يسيرة.
والثالث أرِبٌ على وزن كتِفٌ، والأَرَبُ: الحاذق الكامل، أي هو أَرَبٌ، بحذف المبتدأ، ثم سأل فقال: ما له؟ أي ما شأنه؟