للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابن المنذر عن الشافعي: من حلق قبل أن يرمي أن عليه دمًا، وزعم أن ذلك حفظه عن الشافعي، وهو خطأ عن الشافعي، والمشهور من مذهبه: أنه لا شيء على من قدم أو أخر شيئًا من أعمال الحج كلها إذا كان ساهيًا.

وأما اختلافهم فيمن حلق قبل أن يذبح، فجمهور العلماء على أنه لا شيء عليه كذلك، قال عطاء وطاوس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والحسن وقتادة، وهو قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأبي ثور وأحمد وإسحاق وداود ومحمد ابن جرير، وقال إبراهيم: من حلق قبل أن يذبح اهراق دمًا. وقال أبو الشعثاء: عليه الفداء. وقال أبو حنيفة عليه دم، وإن كان قارنًا فدمان، وقال زفر: على القارن إذا حلق قبل أن ينحر ثلاثة دماء: دم للقران، ودمان للحلق قبل النحر، وقال أبو عمر: لا أعلم خلافًا فيمن نحو قبل أن يرمي أنه لا شيء عليه، قال: واختلفوا فيمن أفاض قبل أن يحلق بعد الرمي، فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول يرجع فيحلق أو يقصر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض، وقال عطاء ومالك والشافعي وسائر الفقهاء: تجزئه الإِفاضة، ويحلق أو يقصر ولا شيء عليه، وفي "شرح الموطأ" للإِشبيلي: وقال ابن عبد الحكم عن مالك فيمن طاف للإِفاضة قبل أن يرمي يوم النحر: إنه يرمي ثم يحلق ثم يعيد الطواف، قال: ومن رمى ثم طاف قبل الحلاق حلق وأعاد الطواف، وقال الشافعي: وإن طاف الإِفاضة قبل الرمي أجزأه، وقال الأوزاعي: إن أصاب أهله اهراق دمًا.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: ففي هذا الحديث: أن رسول الله -عليه السلام- سئل عن الطواف قبل الحلق، فقال: احلق ولا حرج، فاحتمل أن يكون ذلك إباحة منه للطواف قبل الحلق، وتوسعة منه في ذلك، فجعل للحاج أن يقدم ما شاء من هذين على صاحبه، وفيه أيضًا: أن آخر جاءه فقال: إني ذبحت قبل [أن] (١) أرمي، فقال: ارم ولا حرج، فذلك أيضًا يحتمل ما ذكرنا في جوابه في السؤال الأول.


(١) ليس في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>