للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} (١) والحرم كله محله عند أهل العلم، والحديبية موضع منه ما هو في الحل ومنه ما هو في الحرم، وإنما نحر الهدي عندنا في الحل، وفيه مسجد رسول الله -عليه السلام- الذي بويع فيه تحت الشجرة، فأنزل الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (٢) وقال في قوله: {تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٣) محله -والله أعلم- هَا هنا بيّنه أن يكون إذا أحصر نحر حيث أحصر، ومحله من غير الإِحصار الحرم، وهو كلام عربي واسع.

قلت: فإذا كانت الحديبية بعضها في الحرم كيف يجوز أن يترك هذا الموضع وينحر في الحل؟ والحال أن بلوغ الكعبة صفة للهدي في قوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (٤) وحديث ناجية بن جندب الذي ذكره أيضًا وقد قال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥): ثنا أبو أسامة، عن أبي العميس، عن عطاء قال: "كان منزل النبي -عليه السلام- يوم الحديبية في الحرم".

فإذا كان منزل النبي -عليه السلام- الحرم، كيف ينحر هديه في الحل؟ وهذا محال، وفي "الاستذكار": قال عطاء وابن إسحاق: لم ينحر -عليه السلام- هديه يوم الحديبية إلاَّ في الحرم".

ص: وقد احتج قوم في تجويز نحر الهدي في غير الحرم بما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن يعقوب بن خالد، عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال: "خرجت مع عثمان وعلي -رضي الله عنهما- فاشتكى


(١) سورة الفتح، آية: [٢٥].
(٢) سورة الفتح، آية: [١٨].
(٣) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٤) سورة المائدة، آية: [٩٥].
(٥) "مصنف ابن أبي شيبة" (٧/ ٣٨٩ رقم ٣٦٨٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>