للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قد مر في رواية الدارقطني: "أن رسول الله -عليه السلام- أمر عبد الله بن حذافة فنادى في أيام التشريق: ألا إن هذه أيام عيد وأكل وشرب وذكر، فلا يصومهن إلاَّ محصر أو متمتع".

قلت: قد ذكرت لك أن هذا حديث ضعيف، فالدارقطني نفسه علله بسليمان ابن أبي داود الحراني.

ص: فإن قال قائل: فلم صار هذا أولى مما رويتم في هذا الباب؟

قيل له: من قِبَل صحة ما جاء في هذا، وتواتر الآثار، وفساد ما جاء في الفصل الأول، من ذلك: حديث يحيى بن سلام، عن شعبة فهو حديث منكر لا يثبته أهل العلم بالرواية؛ لضعف يحيى بن سلام [عندهم] (١) وابن أبي ليلى وفساد حفظهما، مع أني لا أطعن على أحد من العلماء بشيء لكن ذكرت ما يقول أهل الرواية في ذلك.

ومن ذلك حديث يزيد بن سنان الذي ذكرناه من بعده عن ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهم- أنهما قالا: "لا نرخص لأحد في صوم أيام التشريق إلاَّ لمحصر أو متمتع" فقولهما ذلك يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله -عز وجل- في كتابه: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (٢) فعداهما أيام التشريق من أيام الحج [فقالا: رخص للحاج والمتمتع والمحصر في صوم أيام التشريق لهذه الآية، ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج] (٣) وخفي عليهما ما كان من توقيف رسول الله -عليه السلام- من بعد، على أن هذه الأيام ليست بداخله فيما أباح الله -عز وجل- صومه من ذلك فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح هذه الآثار.


(١) في "الأصل، ك": "عندكم"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٢) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٣) سقط من "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>