للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: بيان السؤال أن يقال: ما توضيح هذه الأحاديث التي استدللتم بها في عموم النهي عن صيام أيام التشريق وشموله القارن والمتمتع، على حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله -عليه السلام- قال في المتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم العشر: أنه يصوم في أيام التشريق، وعلى أثر عائشة وابن عمر قالا: "لم يرخص في صوم أيام التشريق، إلاَّ المحصر أو متمتع". وهما الحديثان اللذان احتج بهما أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من إباحة صوم المتمتع والقارن والمحصر أيام التشريق إذا لم يجدوا هديًا ولم يكونوا صاموا قبل ذلك، كما قد مر ذكره مستوفى، وأجاب عن ذلك بقوله: قيل له: من قِبَل صحة ما جاء ... إلى آخره.

وحاصله: أنه أجاب عن الحديث الأول بأنه ضعيف؛ لأن في سنده يحيى بن سلام وهو ضعيف عند أهل العلم بالحديث وضعفه الدارقطني، وحديثه منكر، وفي سنده أيضًا محمد بن أبي ليلى، تكلم فيه، وكان يحيى بن سعيد يضعفه، وعن أحمد: كان سيئ الحفظ مضطرب الحديث. وعن يحيى: ليس بذاك. وقال أبو حاتم: محله الصدق، كان سيئ الحفظ، شغل بالقضاء فساء حفظه، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وأشار الطحاوي إلى ما قالوا من ذلك بقوله: و"فساد حفظهما" ثم تورع عن ذلك بقوله: "مع أني لا أطعن على أحد من العلماء"، ونبه بذلك على أنه هو ليس بطاعن فيهما ابتداء، وإنما هو ناقل طعن الناس، وما قالوا فيهما على أنه هو أيضًا من أهل الجرح والتعديل. وقوله: "لا يرد في هذا الباب" لكونه إمامًا ثقة ثبتًا عند الكل، ولكن لما كان في معرض الاحتجاج لأصحابنا الحنفية على أخصامهم رد عليهم بما هم قائلون به، وهذا أقوى في هذا الباب حيث يقطع شغب الخصم.

فإن قيل: قد قيل: إن ابن أبي ليلى في هذا السند ليس محمد بن أبي ليلى القاضي، وإنما هو عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ممن أخرج لهم الجماعة، وقال النسائي فيه: ثقة ثبت، ولهذا قال البيهقي لما أخرج هذا الحديث من طريق شعبة، عن ابن أبي ليلى يعني: عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>