للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا نسلم ذلك؛ فإن كلام الطحاوي يدل على أن المراد منه هو محمد بن أبي ليلى وذلك لأنه قال إن ابن أبي ليلى سيىء الحفظ ولو كان هو عبد الله لم يقل بذاك فإن قلت: قال البيهقي: "يعني عبد الله". ليس تفسيرًا من رواة الحديث، على أنا وإن سلمنا ذلك فقد قال ابن المديني عن عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى: عندي منكر. وعن يحيى: كان يتشيع. وأجاب عن الحديث الثاني بأنه مأول أشار إلى، ذلك بقوله: "فقولهما ذلك يجوز أن يكونا عنيا" أي: قصدا، من عني يعني عنيًا إذا قصد "بهذه الرخصة ما قال الله -عز وجل- من قوله: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (١) فعداهما" أي: عائشة وابن عمر وأبرز الضمير تأكيدًا للتثنية "أيام التشريق من أيام الحج وخفي عليهما ما كان من نهي النبي -عليه السلام- عن الصيام في هذه الأيام الذي يدل على أنها لا تدخل فيما أباح الله -عز وجل- صومه من ذلك".

فإن قيل: كيف يخفى عليهما هذا المقدار مع مكانتهما في العلم وقربهما من الرسول -عليه السلام-؟

قلت: هذا منهما اجتهاد، المجتهد قد يخفى [عليه] (٢) ما لا يخفى على غيره، على أن هذا فاسد من وجه آخر، وهو أن الله تعالى قال: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (١) فإذا صام في هذه الأيام لم يكن صومه في الحج؛ لأن الحج فات في هذا الوقت، وذلك لأن معنى قوله: {فِي الْحَجِّ} أي في وقت الحج إذْ الحج لا يصلح ظرف للصوم، والوقت هو الصالح لذلك، كما في قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (٣) أي وقت الحج، فعلى هذا إذا صام في أيام التشريق يكون صائمًا في غير وقت الحج، فلا يجوز؛ لأن الله تعالى أوجب على المتمتع صيام ثلاثة أيام في الحج، ولم يوجد.


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٢) في "الأصل، ك": "عليهما"، وهو سبق قلم من المؤلف -رحمه الله-.
(٣) سورة البقرة، آية: [١٩٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>