للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فعلى هذا ينبغي أن يجوز إذا صام قبل الإِحرام في أشهر الحج؛ لأنه صام في وقت الحج.

قلت: نعم كذلك، ولكن ما قبل الإِحرام خُصَّ على النص، فإن قيل: أيام التشريق من أيام الحج وإن كان الحج قد تم، ألا ترى أنها أيام الجمرات؟

قلت: الجواب عنه من وجوه:

الأول: أن نهي النبي -عليه السلام- عن صوم هذه الأيام قاضٍ عليه، ومخصص له كما خص قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} (١) نهيه عن صيام هذه الأيام.

والثاني: أنه لو كان جائزًا؛ لأنها من أيام الحج لوجب أنه يكون صوم يوم النحر أجوز لأنه أخص بأفعال الحج من هذه الأيام.

والثالث: أنه -عليه السلام- خص يوم عرفة بالحج بقوله: الحج عرفة، فقوله: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (٢) يقتضي أن يكون آخرها يوم عرفة.

والرابع: أنه روي أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، وروي أنه يوم النحر، وقد اتفقوا أنه لا يجوز [صوم] (٣) يوم النحر مع أنه يوم الحج فما لم يتم من الحج من الأيام المنهي عن صومها أحرى أن لا يصام فيها، والذي بقي بعد النحر وهو رمي الجمار إنما هو من توابع الحج، فلا اعتبار به في ذلك، فليس هي إذن من أيام الحج، فلا يكون صوم الأيام الثلاثة فيها صومًا في الحج؛ فافهم.

ص: وأما من طريق النظر: فإنا قد رأيناهم قد أجمعوا أن يوم النحر لا يصام في شيء من ذلك، وهو إلى أيام الحج أقرب من أيام التشريق؛ لما جاء عن رسول الله -عليه السلام- من النهي عن صومه مما سنذكره في هذا الباب إن شاء الله تعالى، فلما كان نهي


(١) سورة البقرة، آية: [١٨٤].
(٢) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٣) ليست في "الأصل، ك"، والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>