ش: بيان هذا الكلام هو: أن حديث الحجاج بن عمرو كما ينسب إليه لكونه قد رواه، فكذلك ينسب إلى ابن عباس أيضًا لكونه قد قال:"صدق" حين سأله عكرمة عن هذا الحديث بعد أن سمعه من الحجاج، فصار في الحقيقة بتصديقه إياه راويًا لهذا الحديث كالحجاج، فإذا كان الأمر كذلك فقد قال ابن عباس في المحصر ما وافق التأويل المذكور في حديث الحجاج، فدل ذلك أن معنى "فقد حل": حل له أن يحل؛ لأنه لو لم يكن معناه هكذا عند ابن عباس في حديثه الذي رواه الحجاج؛ لم يقل بما قال ما يوافق التأويل المذكور.
ثم إنه أخرج هذا من طريقين صحيحين:
الأول: عن يزيد بن سنان القزاز، عن يحيى بن سعيد القطان، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس.
والكل رجال الصحيح ما خلا يزيد.
الثاني: عن أبي شريح محمد بن زكريا بن يحيى بن صالح القضاعي، عن محمد ابن يوسف الفريابي شيخ البخاري، عن سفيان الثوري، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم بن علقمة.
وهؤلاء كلهم رجال الصحيح ما خلا أبا شريح.
وأخرج ابن أبي شبية في "مصنفه"(١): ثنا أبو خالد الأحمر، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال:"إذا أهل الرجل بالحج فأحصر فليبعث بهديه، فإن مضى جعله عمرة، وعليه الحج من قابل ولا هدي عليه، وإن هو أخر ذلك حتى يحج فعليه حجة وعمرة وما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج أخرها يوم عرفة".